للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرًا زائدًا على ما وُجد، كأن يكون أعظم مكانًا، وقدرًا (١). (خَسْفٌ بِالْمَشْرِق، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِب، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ) قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: بالرفع في الثلاثة على تقدير أحدُها، أو منها، ولو رُوي بالجرّ لكان له وجه من البدلية. انتهى (٢).

قال المناويّ: جزيرة العرب هي: مكة، والمدينة، واليمامة، واليمن، علر، ما حُكي عن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - سُميت به؛ لأنه يحيط بها بحر الهند، وبحر القُلزُم، ودجلة، والفرات. انتهى (٣).

(وَآخِرُ ذَلِكَ)؛ أي: ما ذُكر من الآيات، (نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ) وفي رواية "تخرج من أرض الحجاز"، قال القاضي عياض: لعلها ناران، تجتمعان، تحشران الناس، أو يكون ابتداء خروجها من اليمن، وظهورها من الحجاز، ذكره القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -. ثم الجمع بينه وبين ما في البخاريّ من أن أول أشراط الساعة نار تخرج من المشرق إلى المغرب، بأن آخريتها باعتبار ما ذُكر من، الآيات، وأوليتها باعتبار أنَّها أول الآياتِ التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلًا، بل يقع بانتهائها النفخ في الصور، بخلاف ما ذُكر معها، فإنه يبقى مع كل آية منها أشياء من أمور الدنيا، كذا ذكره بعض المحققين (٤).

(تَطْرُدُ)؛ أي: تسوق تلك النار (النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ) بفتح الشين،

وتكسر؛ أي: إلى مجمعهم، وموقفهم، قيل: المراد من المحشر: أرض الشام؛ إذ صحّ في الخبر أن الحشر يكون في أرض الشام، لكن الظاهر أن المراد أن يكون مبتدؤه منها، أو تجعل واسعة تَسَعُ خَلْق العالم فيها.

وقال المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "إلى محشرهم"؛ أي: محل حشرهم للحساب، وهو الشام، قال الخطابيّ: هذا قبل قيام الساعة، يُحشر الناس أحياءً إلى الشام، بدليل قوله: "تبيت معهم حيث باتوا، وتَقيل معهم حيث قالوا"، وهذا الحشر آخر الأشراط، كما في هذا الحديث، وما ورد مما يخالفه مؤَّول.

وقال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويترجح من مجموع الأخبار أن أول الآياتِ المُؤْذِنة


(١) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٠٤.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٠٤.
(٣) "فيض القدير" ٢/ ٣٤٤.
(٤) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٠٤.