للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العراق، فإنه توهَّم أن نجدًا موضع مخصوص، وليس كذلك، بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يليه يسمى المرتفع نجدًا، والمنخفض غورًا. انتهى (١)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

وقال في "العمدة": ذهب الداوديّ إلى أن للشيطان قرنين على الحقيقة، وذكر الهرويّ أن قرنيه ناحيتي رأسه، وقيل: هذا مَثَل؛ أي: حينئذ يتحرك الشيطان، ويتسلط، وقيل: القرن القوة؛ أي: تطلع حين قوة الشيطان، وإنما أشار -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المشرق؛ لأن أهله يومئذ كانوا أهل كفر، فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذلك كانت هي وقعة الجمل، ووقعة صفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق، وما ورائها من المشرق، وكانت الفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين قَتْل عثمان -رضي اللَّه عنه-، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحَذِّر من ذلك، ويُعَلِّم به قبل وقوعه، وذلك من دلالات نبوّته -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى (٢).

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ- في"المشارق" عند قوله: "من قبل المشرق": الأظهر هنا قول من قال: إنه مشرق الأرض، وبلاد فارس، وكسرى، وما وراءها، بدليل قوله: "من حيث تطلع الشمس"، وبدليل معاني الحديث، من طلوع الفتن، والبدع منها، الذي يدل عليه قوله: "قرن الشيطان" وقد فسرناه، وقيل: أراد بلاد نجد، وربيعة، ومضر، بدليل أنه قد جاء ذلك مبيَّنًا في حديث آخر، فالوجهان صحيحان، ونجد، وبلاد مضر، وربيعة، وفارس، وما وراءها، كله مشرق من المدينة، والشرق، والمشرق سواء. انتهى كلام عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣)، واللَّه تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٦/ ٧٢٦٥ و ٧٢٦٦ و ٧٢٦٧ و ٧٢٦٨ و ٧٢٦٩


(١) "الفتح" ١٦/ ٥٠٣ - ٥٠٤، "كتاب الفتن" رقم (٧٠٩٣).
(٢) "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ" ٣٥/ ١٥٦.
(٣) "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" ٢/ ٤٩٩.