تعالى:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ}[الزخرف: ٦١]، وصح أنه الذي يقتل الدجال، فاكتفى بذكر أحد الضدين عن الآخر، ولكونه يُلَقَّب المسيح، كعيسى لكن الدجال مسيح الضلالة، وعيسى مسيح الهدى.
الثالث: أنه تُرك ذكره احتقارًا.
وتُعُقّب بذكر يأجوج ومأجوج، وليست الفتنة بهم بدون الفتنة بالدجال، والذي قبله.
وتُعُقّب بأن السؤال باقٍ، وهو ما الحكمة في ترك التنصيص عليه؟.
وأجاب شيخنا الإمام البلقينيّ بأنه اعتَبَر كل من ذُكر في القرآن من المفسدين، فوجد كل من ذُكر إنما هم ممن مضى، وانقضى أمره، وأما من لم يجيء بعدُ فلم يذكر منهم أحدًا. انتهى.
وهذا يُنتقض بيأجوج ومأجوج، وقد وقع في تفسير البغويّ أن الدجال مذكور في القرآن في قوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}[غافر: ٥٧] وأن المراد بالناس هنا: الدجال، من إطلاق الكل على البعض، وهذا إن ثبت أحسن الأجوبة، فيكون من جملة ما تكفل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ببيانه، والعلم عند اللَّه تعالى.
وأما ما يظهر على يده من الخوارق فسيأتي بيانها في الأحاديث الطويلة التي يوردها مسلم -إن شاء اللَّه تعالى-.
وأما متى يهلك؟ ومن يقتله؟ فإنه يهلك بعد ظهوره على الأرض كلها، إلا مكة والمدينة، ثم يقصد بيت المقدس، فينزل عيسى عليه السلام، فيقتله، أخرجه مسلم، وفي حديث هشام بن عامر: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أعظم من الدجال"، أخرجه الحاكم، وعند الحاكم من طريق قتادة، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أَسِيد، رفعه:"إنه يخرج -يعني: الدجال- في نقص من الدنيا، وخفة من الدين، وسوء ذات بَيْن، فيَرِدُ كل منهل، وتُطوى له الأرض. . . " الحديث.
وأخرج نعيم بن حماد في "كتاب الفتن" من طريق كعب الأحبار، قال: يتوجه الدجال، فينزل عند باب دمشق الشرقيّ، ثم يُلتمس فلا يُقدر عليه، ثم يُرى عند المياه التي عند نهر الكسوة، ثم يُطلب فلا يدرى أين توجه؟ ثم يَظهر