للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأكثر على أنه أضمر له في نفسه: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] قال الداوديّ: كان في يده سورة الدخان مكتوبة، وقال الخطابيّ: لا معنى للدخان هنا؛ لأنه ليس مما يُخبأ في كفّ، أو كُمّ، بل الدخ: نبْت موجود بين النخيل والبساتين. وقال أبو موسى المدينيّ في كتابه "المغيث": وقيل: إن الدجال يقتله عيسى عليه السلام بجبل الدخان، فيَحْتَمِل أن يكون أراده. انتهى.

وقال صاحب "التلويح": وفيه نظر من حيث أنا وجدنا ما قاله تخرّصًا مسندًا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من طريق صحيحة، قال أحمد في "مسنده": حدّثنا محمد بن سابق، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره مرفوعًا مطوّلًا (١).

وقوله: (فَقَالَ: دُخٌّ) قال أبو موسى: بضم الدال، وفتحها، لغتان، وقال الكرمانيّ: بضم الدال وتشديد الخاء: الدخان، وهو لغة فيه، وقال النوويّ: المشهور في كتب اللغة والحديث ضمّها فقط، واعتُرض عليه بأن ابن سِيدَهْ، وأبا التيانيّ، وأبا المعالي، وصاحب "مجمع الغرائب" حكوا الفتح، حاشا الجوهريّ، فإنه نصّ على الضم، ولم يذكر غيره.

ورُدّ عليه بأن حكاية هؤلاء الفتح لا يستلزم نفي الضم، كما أن ذِكر الجوهريّ الضم لا يستلزم نفي الفتح.

وقال القرطبيّ: وجدته في كتاب الشيح: "الدخ" ساكن الخاء مصححًا عليه، وكأنه على الوقف، قال: وأما الذي في الشِّعر فمشدد الخاء، وكذلك قرأته في الحديث.

وقال ابن قرقول: الدخ لغة في الدخان، لم يستطع ابن صياد أن يُتم الكلمة، ولم يهتد من الآية الكريمة إلا لهذين الحرفين على عادة الكهان، من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجنّ، أو من هواجس النفس، ولهذا قال له: "اخسأ، فلن تعدو قَدْرك" أي لست بنبيّ، ولن تجاوز قدرك، وإنما أنت كاهن، فلن تجاوز يعني قَدْر الكهان (٢).

وقوله: ("اخْسَأْ) في الأصل لفظ يُزجر به الكلب، ويطرد، من خسأت


(١) "عمدة القاري" ٨/ ١٧١.
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ١٧١.