للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُعرف، وما سبق، من أنه الخضر -عليه السلام-، فقد عرفت بطلانه، فتنبّه. (فَتَلْقَاهُ) أي تقابله، وتأخذه (الْمَسَالِحُ) بفتح الميم، وكسر اللام: جمع المسلحة، وهم القوم ذوو السلاح، يحفظون الثغور، وقوله: (مَسَالِحُ الدَّجَّالِ) مرفوع على الإبدال، وفيه إشارة إلى أن اللام عِوَض عن المضاف إليه، أو اللام للعهد (١)، قال القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولعل المراد به ههنا مقدمة جيشه، وأصلها موضع السلاح، ثم استعمل للثغر، فإنه تُعَدّ فيه الأسلحة، ثم للجند المترصدين، ثم لمقدمة الجيش، فإنهم من الجيش، كأصحاب الثغور ممن وراءهم من المسلمين (٢). (فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟) بكسر الميم، من باب ضرب؛ أي: تقصد، (فَيَقُولُ: أَعْمدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ)؛ أي: خرج عن الحقّ، أو على الخلق، أو ظهر بالباطل، والإشارة للتحقير. (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا؟) يعنون به الدجال، حيصسا وجدوا عنده الجاه والمال، (فَيَقُولُ) الرجل: (مَا بِرَبِّنَا)؛ أي: بربي وربكم، ففيه تغليب، أو: ما بربنا معشرَ المؤمنين (خَفَاءٌ) و"ما" نافية؛ أي: ليس يخفى علينا صفات ربنا عن غيره؛ لنعدل عنه إليه، أو لنترك الاعتماد عليه.

كما قال القائل [من المتقارب]:

وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ شَاهِدٌ … يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ

وأما ما عداه فآثار الحدوث عليه لائحة، وأنواع النقصان فيه واضحة، ومن أظهر الأدلة القطعية، أن المخلوقية تنافي الربوبية، والعبودية تناقض الألوهية، ما للتراب، ورب الأرباب، كيف والعيوب الظاهرة فيه تشهد لمن له أدني عقل، كما لا يخفى، وفيه إيماء إلى ما سبق من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يخفى عليكم، إن اللَّه ليس بأعور".

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا تكذيب لهم، وبيان لتمويههم، وتلبيسهم؛ "أوَ ما يؤمن بربنا؟ "، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يخفى عليكم، إن اللَّه ليس بأعور" (٣).


(١) "مرقاة المفاتيح" ١٦/ ٧.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٩.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٥٩.