للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مني في ترك ما آمركم به؟، وليس المراد: الاستحياء من اللَّه تعالى، كما زعم القاري (١)، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(فَيَقُولُونَ) له: (فَمَا تَأْمُرُنَا؟)؛ أي: فأيّ شيء تأمرنا به حتى نطيعك؟ قال القاري: "ما" موصولة، أو استفهامية، والمعنى: فأيّ شيء تأمرنا لنطيعك فيه؟ (فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ) توسّلًا بها إلى رضا اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، وقال: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} الآية [يونس: ١٨]، (وَهُمْ فِي ذَلِكَ)؛ أي: والحال أنهم فيما ذُكر من الأوصاف الردية، والعبادات الوثنية، (دَارٌّ رِزْقُهُمْ) بتشديد الراء؛ أي: نازل عليهم بكثرة، (حَسَنٌ عَيْشُهُمْ) قال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأول إشارة إلى الكمية، والثاني إلى الكيفية، أو الأول إيماء إلى كثرة الأمطار، وما يترتب عليه من الأنهار، وأثمار الأشجار، والثاني من جهة الأمن، وعدم الظلم، وكثرة الصحة، والغنى بالمال، والجاه (٢).

(ثُمَّ يُنْفَخُ) بالبناء للمفعول، (فِي الصُّورِ) هو قرن يُنفخ فيه، والنافخ هو إسرافيل عليه السلام، كما جاء في الحديث. (فَلَا يَسْمَعُهُ)؛ أي: النفخ في الصور، (أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا) بكشر اللام، قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي أمال صفحة عنقه خوفًا ودهشة، (وَرَفَعَ لِيتًا) والمراد منه هنا: أن السامع يصعق، فيصغي ليتًا، ويرفع ليتًا؛ أي: يصير رأسه هكذا، وكذلك شأن من يصيبه صيحة، فيشق قلبه، فأول ما يظهر منه سقوط رأسه إلى أحد الشقين، فأسند الإصغاء إليه إسناد الفعل الاختياري. (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ)؛ أي: النفخ، (رَجُلٌ يَلُوطُ) من باب قال؛ أي: يطيّن، ويصلح (حَوْضَ إِبِلِهِ) ليسقيها ماء نظيفًا. (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فَيَصْعَقُ) من باب تَعِب؛ أي: يموت ذلك الرجل الذي يلوط حوض إبله لسماعه، (وَيَصْعَقُ)؛ أي: يموت (النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ) -عَزَّ وَجَلَّ-، وقوله: (أَوْ قَالَ) شكّ من الراوي، (يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا، كَأَنَّهُ الطَّلُّ) بفتح الطاء المهملة، وتشديد اللام؛ أي: المطر الضعيف، الصغير القطر، وقوله: (أَوِ الظِّلُّ) شكّ من الراوي، كما قال: (نُعْمَانُ) بن سالم (الشَّاكُّ) في أي لفظة قال يعقوب بن


(١) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٧٥.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ١٧٥.