الحالية، وبالعكس على تقدير: احضروا الصلاةَ، وهي جامعة، وعلى جميع التقادير محل الجملة نصبٌ؛ لأنه مفعول "ينادي" محكيّ، لكونه في معنى القول.
وقال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وجه الرواية بالرفع أن يقدّر "هذه"؛ أي: هذه الصلاة جامعةٌ، ويجوز أن يخصب "جامعةً" على الحال، ولمّا كان هذا القول للدعاء إليها، والحث عليها كان النصب أجود، وأشبه بالمعنى المراد.
قالت:(فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ) فيه جواز خروج المرأة إلى للصلاة في المسجد مع الرجال، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء اللَّه مساجد اللَّه"، وفي رواية:"إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد، فلا يمنعها". (فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) الظاهر أن تلك الصلاة إحدى الصلوات الخمس، ويَحْتَمل أن تكون نافلة، أراد بها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يجتمع بسببها الناس حتى يسمعوا حديثه. (فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الّذِي) صفة لـ "صفّ"، ووقع في بعض النسخ بلفظ "التي"، وهو تصحيف، فتنبّه. (يلِي ظُهُورَ الْقَوْم)؛ أي: الرجال، وفيه أن صفّ النساء بعد صفّ الرجال. (فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَاتَهُ)؛ أي: أدّاها وفرغ منها، (جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ)؛ أي: والحال أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَضْحَكُ، فَقَالَ:"لِيَلْزَمْ) بفتح الزاي أي ليلتزم (كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ")؛ أي: موضع صلاته، فلا يتغير، ولا يتقدم، ولا يتأخر. (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ ")؛ أي: بقول المنادي: "الصلاة جامعة"، (قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ)؛ أي: لأمر مرغوب فيه، من عطاء، كغنيمة، (وَلَا لِرَهْبَةٍ)؛ أي: ولا لخوف من عدو، (وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ) منسوب إلى جدّ له اسمه الدار، وهو تميم بن أوس بن خارجة، أبو رقيّة الصحابيّ المشهور، سكن بيت المقدس بعد قتل عثمان، قيل: مات سنة أربعين، تقدّمت ترجمته في "شرح المقدّمة" جـ ٢ ص ٤٨٦.
(كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا)؛ أي: معتقدًا دين النصارى، (فَجَاءَ) إليّ (فَبَايَعَ) على الإسلام (وَأَسْلَمَ)؛ أي: دخل في الإسلام، (وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا) هذا معدود في مناقب تميم؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَوَى عنه هذه القصّة، وفيه رواية الفاضل عن المفضول، ورواية المتبوع عن تابعه، وفيه قبول خبر الواحد، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.