للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أقاتلته" (الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ) قاتَلَته، (قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟) في مقاتلته لهم، (فَأَخْبَرْنَاهُ، أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ، وَأَطَاعُوهُ)؛ أي: امتثلوا ما أمرهمِ به، (قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟) بتقدير الاستفهام، (قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاك)؛ أي: طاعتهم له (خَيْرٌ لَهُمْ)، وقوله: (أَنْ يُطِيعُوهُ) في تأويل المصدر بدل من اسم "إنّ"، يعني أن طاعتهم له خير لهم من مخالفته.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المشار إليه؛ أي بقوله. "إن ذاك" ما يُفهم من قوله: "وأطاعوه"، وقوله: "أن يطيعوه" جاء لمزيد البيان، ويجوز أن يكون المشار إليه: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، و"خير" إما خبر لـ "ذلك" مسند إلى "أن يطيعوه"، وعلى هذا لا يكون بمعنى التفضيل، أو يكون "أن يطيعوه" مبتدأ، و"خير" خبره، مقدمًا، عليه، والجملة خبر "إن".

وقال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فإن قيل: يُشبه هذا القول قول مَن عَرَف الحقّ، والمخذول من البعد من اللَّه بمكان، لم يُر له فيه مساهم، فما وجه قوله هذا؟.

قلنا: يَحْتَمِل أنه أراد به الخير في الدنيا؛ أي: طاعتهم له خير لهم، فإنهم إن خالفوه اجتاحهم، واستأصلهم، ويَحْتَمِل أنه من باب الصرفة، صرفه اللَّه تعالى الطعن فيه، والتكبر عليه، وتَفَوّه بما ذُكر عنه، كالمغلوب عليه، والمأخوذ عليه، فلا يستطيع أن يتكلم بغيره؛ تأييدًا لنبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والفضل ما شَهِدت به الأعداء. انتهى (١).

(وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي إِنِّي) بكسر الهمزة، وفتحها، (أَنَا الْمَسِيحُ) الدجّال، قال الفيّوميّ: المَسِيحُ الدَّجَّالُ صاحب الفتنة العظمى، قال ابن فارس: المَسِيحُ الذي مُسح أحد شِقَّي وجهه، ولا عين له، ولا حاجب، وسُمّي الدجال مَسِيحًا؛ لأنه كذلك، ومنه درهم مَسِيحٌ؛ أي: أطلس، لا نقش عليه (٢).

(وَإِنَّي) بالكسر والفتح أيضًا، (أُوشِكُ)؛ أي: أقرب (أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ، فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ، فَلَا أَدَعَ) بالنصب في الثلاثة، وجُوّز رفعها؛ أي: فلا أترك (قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ظرف لـ "أسير"، وعدم


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٦٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٢.