الترك إشعارٌ بقوة سياحته التي هي أحد وجوه تسميته بالمسيح، على أن فعيل بمعنى الفاعل؛ لكون سياحته مرورًا كالمسح. (غَيْرَ مَكَّةَ) استثناء من القرية التي وقعت نكرة في سياق النفي المنصبّ عليه الاستثناء المفيد للاستغراق، (وَطَيْبَةَ) عطف على "مكة"، وهي بفتح الطاء، وسكون التحتية، فموحدة من أسماء المدينة النبويّة على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحيّة. (فَهُمَا)؛ أي: مكة وطيبة (مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ)؛ أي: ممنوعتان عليّ دخولهما، وقوله:(كِلْتَاهُمَا) تأكيد لـ "هُما"، ثم بيّن سبب المنع بقوله:(كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ) للشك من الراوي، أي أو قال:(وَاحِدًا مِنْهُمَا، اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا) بفتح الصاد وتُضم؛ أي: مجردًا عن الغمد، قال بعضهم: الصلت بالفتح، والضم، مصدر بمعنى الفاعل، أو المفعول، حال عن المَلَك، أو السيف؛ أي: مُصلِتًا، أو مُصلَتًا، من قولهم: أصلت سيفه؛ أي: جرّده من غلافه. (يَصُدُّنِي عَنْهَا)؛ أي: يمنعني عن كل واحدة منهما، وهو استئنافٌ بيانيّ، أو حال، والضمير للملَك، أو السيف مجازًا. (وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ) بفتح النون، وسكون القاف؛ أي: طريق، أو باب (مِنْهَا)؛ أي: من كل واحدة منهما، (مَلَائِكَةً، يَحْرُسُونَهَا)؛ أي: يحفظونها عن الآفات، والبليّات، من غير ذلك الملَك، والظاهر أنه جبريل عليه السلام؛ لِمَا تقدم، واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَتْ) فاطمة -رضي اللَّه عنها-: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَ) الحال أنه قد (طَعَنَ)؛ أي: ضرب (بِمِخْصَرَتِه) بكسر الميم وفتح الصاد؛ أي: بعصاهِ، وفي "الفائق": المخصرة: هي قضيب يشير به الخطيب، أو الملِك إذا خاطب، وقال التوربشتيّ: المخصرة كالسوط، وكل ما اختصر الإنسان بيده، فأمسكه، من عصًا، ونحوها، فهو مخصرة. انتهى (١). (فِي الْمِنْبَرِ)؛ أي: عليه، فـ "في" بمعنى "على"، كقوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١]. ("هَذِهِ طَيْبَةُ) الجملة مقول لـ "قال"، وما بينهما حال معترضة بين الفاعل والمفعول، وقوله: (هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ") كررها ثلاثًا للتأكيد، (يَعْنِي الْمَدِينَةَ)؛ أي: يريد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله:"هذه" الموضوعة للإشارة المحسوسة: المدينة المحروسة.