وهي الصبر أَولى بهم؛ واستدلّ على ذلك بقوله:(فَإِنِّي) الفاء تعليليّة؛ أي: إنما اخترت لكم الصبر؛ لأني (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ)؛ أي: أغنياءهم فضلًا عن غيرهم، (يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجنَّةِ بِأرْبَعِينَ خَرِيفًا")؛ أي: سنة. (قَالُوا) هؤلاء الناس لمّا سمعوا هذا الفضل العظيم: (فَإِنَّا نَصْبِرُ) على ما نحن عليه من الضيق، حال كوننا (لَا نَسْأَلُ)؛ أي: لا نطلب (شَيْئًا) من أحد بعد سماع هذا الحديث، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ٧٤٣٢](٢٩٧٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ١٦٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢/ ٤٥٣)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان"(٧/ ٣٣٦)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل الفقر، وقد اختلف العلماء في تفضيل الفقر على الغنى، وعكسه، وقد حقّقته في غير هذا المحلّ.
٢ - (ومنها): بيان أن من له زوجة، ومسكن يسكنه ليس من الفقراء، لكن هذا إذا كان له كفاية، وإلا فهو فقير، وكذلك كون من له خادم من الملوك إذا كانت له كفايته، وإلا فلا.
٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رحمه الله -: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفًا" هذا الحديث اختلفت ألفاظ الرواة فيه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فروى عبد الله بن عمرو بالحديث المتقدم، وروى الترمذيّ من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمئة عام". قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
ويروى أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخل