أي: أنا أكثر الشركاء استغناء عن الشرك؛ لكون استغنائه من جميع الجهات، وفي جميع الأوقات، قال القاري: وفيما ذكره من الوجه الثاني ما لا يخفى.
وقال الطيبيّ رحمه الله: اسم التفضيل هنا لمجرد الزيادة، والإضافة فيه للبيان، أو على زعم القوم، قال القاري: وفيه أن وجه الإضافة للبيان يحتاج إلي مزيد البيان، وكأنه أراد أن معناه: أنا غني مما بينهم دونهم، ثم قال: والضمير المنصوب في "تركته" يجوز أن يرجع إلى العمل، والمراد من الشرك: الشريك.
قال النوويّ رحمه الله: معناه: أنا غني عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئًا لي ولغيري لم أقبله، بل أتركه مع ذلك الغير.
ويجوز أن يرجع إلى العامل، والمراد بالشرك: الشركة، وقوله:"وهو" يعود إلى العمل على الوجه الأول، وإلى العامل على الوجه الثاني؛ أي: العامل لِمَا عمل به من الشرك؛ يعني: يختص به، ولا يتجاوز عنه، وكذا الضمير في "منه"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٧/ ٧٤٤٤](٢٩٨٥)، و (ابن ماجه) في "الزهد"(٤٢٠٢)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(٢٥٥٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٠١) وفي "الزهد"(ص ٥٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣٩٥)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٤١٣٦)، والله تعالى أعلم.
(المسالة الثالثة): قد تكلّم العلماء في الرياء، وأقسامه، فمنهم:
الغزاليّ رحمه الله حيث قال: درجات الرياء أربعة أقسام:
الأولى: وهي أغلظها، أن لا يكون مراده الثواب أصلًا، كالذي يصلي بين أظهر الناس، ولو انفرد لكان لا يصلي، بل ربما يصلي من غير طهارة، مع الناس، فهذا جرّد قَصْده للرياء، فهو الممقوت عند الله تعالى.
والثانية: أن يكون له قصد الثواب أيضًا، ولكن قصدًا ضعيفًا بحيث لو