للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَنْزِلُ بِهَا) وفي الرواية التالية: "يهوي بها"، وفي رواية البخاريّ: "يَزِلّ" بها بفتح أوله، وكسر الزاي، بعدها لام؛ أي: يسقط (فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَما بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ") ووقع عند البخاريّ بلفظ: "أبعد ما بين المشرق" دون لفظ: "والمغرب"، قال في "الفتح": كذا في جميع النسخ التي وقعت لنا في البخاريّ، وكذا في رواية إسماعيل القاضي عن إبراهيم بن حمزة، شيخ البخاريّ فيه، عند أبي نعيم، وأخرجه مسلم، والإسماعيليّ، من رواية بكر بن مضر، عن يزيد بن الهاد، بلفظ: "أبعد ما بين المشرق والمغرب"، وكذا وقع عند ابن بطال، وشرحه الكرماني على ما وقع عند البخاريّ، فقال: قوله: "ما بين المشرق": لفظ "بين" يقتضي دخوله على المتعدد، والمشرق متعدد معنى؛ إذ مشرق الصيف غير مشرق الشتاء، وبينهما بُعْد كبير.

وَيَحْتَمِل أن يكون اكتفى بأحد المتقابلين عن الآخر، مثل: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: ٨١] قال: وقد ثبت في بعضها بلفظ: "بين المشرق والمغرب".

قال ابن عبد البرّ رحمه الله: الكلمة التي يهوي صاحبها بسببها في النار هي التي يقولها عند السلطان الجائر، وزاد ابن بطال: بالبغي، أو بالسعي على المسلم، فتكون سببًا لهلاكه، وإن لم يُرد القائل ذلك، لكنها ربما أدت إلى ذلك، فيُكتب على القائل إثمها، والكلمة التي تُرفع بها الدرجات، ويكتب بها الرضوان هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة، أو يفرج بها عنه كربة، أو ينصر بها مظلومًا.

وقال غيره في الأولى: هي الكلمة عند ذي السلطان يرضيه بها فيما يسخط الله تعالى.

قال ابن التين: هذا هو الغالب، وربما كانت عند غير ذي السلطان، ممن يتأتى منه ذلك، ونَقَل عن ابن وهب أن المراد بها: التلفظ بالسوء، والفحش، ما لم يُرِد بذلك الجحد لأمر الله في الدين.

وقال القاضي عياض: يَحْتَمِل أن تكون تلك الكلمة من الخنى، والرفث، وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة، أو بمجون، أو استخفاف بحقّ النبوة، والشريعة، وإن لم يعتقد ذلك.

وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: هي الكلمة التي لا يُعرف القائل حُسنها من قبحها، قال: فيحرم على الإنسان أن يتكلم بما لا يُعرف حسنه من قبحه.