قال الحافظ: وهذا الذي يجري على قاعدة مقدمة الواجب.
وقال النوويّ: في هذا الحديث حثّ على حفظ اللسان، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق، فإن ظهرت فيه مصلحة تكلم، وإلا أمسك، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٧٤٥٠ و ٧٤٥١](٢٩٨٨)، و (البخاريّ) في "الرقاق"(٦٤٧٧ و ٦٤٧٨)، و (الترمذي) في "الزهد"(٢٣١٤)، و (ابن ماجه) في "الفتن"(٣٩٧٠)، و (مالك) في "الموطأ"(٢/ ٩٨٥ - ٩٨٦)، و (ابن المبارك) في "مسنده"(١/ ٢٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٣٤ و ٣٥٥ و ٥٣٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٧٠٦)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١١/ ١٠٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٦٤ و ١٦٥)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٤١٢٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): أخرج البخاريّ رحمه الله من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالًا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، يَهوِي بها في جهنم".
قال في "الفتح": قوله: "لا يلقي لها بالًا" بالقاف، في جميع الروايات، أي: لا يتأملها بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئًا، وهو من نحو قوله تعالى:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور: ١١٥] وقد وقع في حديىث بلال بن الحارث المزني الذي أخرجه مالك، وأصحاب "السنن"، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، بلفظ:"إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة"، وقال في السخط مثل ذلك.