عن أبيه، رفعه: "إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فقل: إنك مضنوك (١) "، قال ابن أبي بكر: لا أدري بعد الثالثة، أو الرابعة، وهذا مرسل جيد.
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه قال: "فشمته ثلاثًا، فما كان بعد ذلك فهو زكام".
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن العاص: "شمتوه ثلاثًا، فإن زاد فهو داء، يخرج من رأسه"، موقوف أيضًا.
ومن طريق عبد الله بن الزبير: "أن رجلًا عطس عنده، فشمته، ثم عطس، فقال له في الرابعة: أنت مضنوك"، موقوف أيضًا.
ومن طريق عبد الله بن عمر مثله، لكن قال في الثالثة.
ومن طريق عليّ بن أبي طالب: "شمّته ما بينك وبينه ثلاث، فإن زاد فهو ريح".
وأخرج عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة: يشمت العاطس إذا تتابع عليه العطاس ثلاثًا.
[الرابع]: ممن يخص من عموم العاطسين من يَكره التشميت، قال ابن دقيق العيد: ذهب بعض أهل العلم إلى أن من عُرف من حاله أنه يكره التشميت أنه لا يشمت إجلالًا للتشميت أن يؤهل له من يكرهه.
فإن قيل: كيف يترك السُّنَّة لذلك؟.
قلنا: هي سُنّة لمن أحبها، فأما من كرهها، ورغب عنها فلا، قال: ويطّرد ذلك في السلام، والعيادة، قال ابن دقيق العيد: والذي عندي أنه لا يمتنع من ذلك إلا من خاف منه ضررًا، فأما غيره فيشمّت امتثالًا للأمر، ومناقضة للمتكبر في مرادها، وكسرًا لسورته في ذلك، وهو أَولى من إجلال التشميت.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا التفصيل الذي ذكره ابن دقيق العيد رَحِمَهُ اللهُ هو الأَولى عندي.
قال الحافظ: ويؤيده أن لفظ التشميت دعاء بالرحمة، فهو يناسب المسلم كائنًا من كان، والله أعلم.
[الخامس]: قال ابن دقيق العيد: يستثنى أيضًا من عطس، والإمام
(١) أي: مزكوم، والضُّناك بالضم، كالزُكام وزنًا ومعنى، قاله في "النهاية" ص ٥٥١.