للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَأَخْبَرَهُ) بالخبر، وقصّ عليه ما جرى، (فَـ) ـعندما سمع الراهب الخبر استغرب، وتعجّب، و (قَالَ لَهُ)؛ أي: للغلام، (الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ) "أي" حرف نداء، وقد مرّ الكلام عليها غير مرّة؛ أي: يا بُني بالتصغير تصغير شفقة، ونسبه إليه إظهارًا للّطف والحنوّ، (أنتَ الْيَوْمَ)؛ أي: الحاضر الذي نحن فيه، (أَفْضَلُ مِنِّي) درجة ومنزلة عند الله تعالى؛ لأنه تعالى استجاب دعوتك، وأظهر كرامتك، (قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ) ومنزلتك عند الله تعالى (مَا أَرَى)؛ أي: ما أعلمه، مما وقع لك من الكرامة، (وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى) بالبناء للمفعول؛ أي: سيفعل الله بك ما جرى من سنّته في أنبيائه، وأوليائه من ابتلائهم بسفهاء قومهم، (فَإِنِ ابْتُلِيتَ) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: جرى لك ابتلاء من الله تعالى على ما هي سنّته في أوليائه، (فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ) بسبب شدّة الابتلاء، فإن هؤلاء الكفرة سيبتلونني. (وَكَانَ الغُلَامُ) انتشر ذِكره، واشتهر أمره بين عامّة الناس، فكان (يُبْرِئُ) بدعائه (الأَكْمَهَ)؛ أي: الذي وُلد أعمى، يقال: كَمِهَ كَمَهًا، من باب تَعِب فهو أَكمَهُ، والمرأة كُمْهَاءُ، مثل أحمر، وحمراء، وهو الْعَمَى يولد عليه الإنسان، وربما كان من مرض، قاله الفيّوميّ (١). (وَالأَبْرَصَ)؛ أي: من أصابه داء البرص، وهو بفتحتين: بياض يظهر في ظاهر البدن؛ لفساد المزاج، وفعله كفرِحَ (٢). (وَيُدَاوِي النَّاسَ)؛ أي: يعالجهم (مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ)؛ أي: من جميع الأمراض، وفي نسخة: "سائر الأدواء" بإسقاط "من". (فَسَمِعَ) بمداواة الغلام من جميع الأمراض (جَلِيسٌ)؛ أي: صاحبٌ مُجالس (لِلْمَلِكِ)؛ أي: من خواصّ أهل دولته، (كَانَ قَدْ عَمِيَ)؛ أي: فَقَدَ بصره، (فَأَتَاهُ)؛ أي: أتى جليس الملك الغلام (بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ) ليعالجه، (فَقَالَ) الجليس: (مَا) موصولة؛ أي: الذي (هَا هُنَا) من الهدايا (لَكَ) أيها الغلام (أَجْمَعُ) تأكيد للموصول، (إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي)؛ أي: إن أبرأتني، ورددت عليّ بصري، (فَقَالَ) الغلام: (إِنِّي لَا أَشْفِي) بفتح الهمزة مضارع شفيت ثلاثيًّا، أو بضمّها، مضارع أشفيت، رباعيًّا، يقال: شفاه يَشفيه: برّأه، وطلب له الشفاء؛ كأشفاه، قاله المجد رحمه اللهُ (٣).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤١.
(٢) "القاموس" ص ٩٦.
(٣) "القاموس" ص ٦٩٦.