للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "قال: الله" ذكر النوويّ أن الهمزة هنا غير ممدودة، وذلك لأنه جواب، فلا تصلح فيه همزة الاستفهام، والهمزة فيه قطعيّة، وربما تعوَّض بقطع همزة الوصل، وفي مثله يجوز على الهاء الحركات الثلاث، كما حقّقه الأبيّ.

وعبارة الأبيّ رحمه اللهُ: قوله: "آلله" ضبطناه بكسر الهاء، ممدودًا على القَسَم والتقرير، ورويناه في غير الأمّ (١) بالفتح، وأكثر أهل العربيّة لا يجيزون فيه غير الكسر، قال الكسائيّ: كل يمين حُذف منها حرف القَسَم هي منصوبة إلا قوله: الله لآتينك، فإنها مخفوضة؛ لأن القَسَم فيه معنى الفعل؛ أي: أقسم بالله، أو والله، فإذا حذفوا حرفه عمل الفعل عمله.

قال الأبيّ: إذا قلت: بالله لأفعلنّ تقديره: أقسم بالله، فإذا حُذف القسم، ولم يعوّض منه شيء جاز في المقسَم به الحركات الثلاث، فإن عوّض منه شيء، فالعوض إما همزة استفهام، أو ها التنبيه، أو قطع ألف الوصل، وها التنبيه، وقطع ألف الوصل له حكم مذكور في محله.

وذكر القاضي أنه رواه في غير الأم بالفتح.

قال الأبي: ولعل الذي رواه مسلم لم يعوّض منه شيء، وهو أحد الوجوه الثلاثة التي تقدّم ذكرها، وذكر عن الكسائيّ أنه ليس فيه إلا النصب، وعلّل ذلك بما ذُكر، ومعنى تعليله أنك إذا قلت: أقسم بالله، وأظهرت فعل القَسَم مع الباء لا يجوز إظهاره إلا مع الباء وحدها، لا معها ومع الواو، كما يعطيه كلام القاضي، فيتعدى فعل القسم إلى المقسَم به بحرف الجرّ، فإذا حُذف فعل القسم وحروفه، والمعوض منه وُصل الفعل المقدّر إلى المقسَم به بنفسه، فينصبه، وهو معنى قوله: عمل الفعل عمله. انتهى (٢).

(قَالَ) عبادة بن الوليد: (فَأَتَى) أبو اليسر (بِصَحِيفَتِهِ) التي كتب فيها هذا الدَّين، (فَمَحَاهَا)؛ أي: أزال ما فيها من الكتابة (بِيَدِهِ) وإنما فعل ذلك لأنه عزم أن لا يطالبه بعد ذلك بالدَّين، إلا أن يجد سعة، فيقضيه بنفسه، كما بيّنه بقوله: (فَقَالَ) أبو اليسر: (إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً)؛ أي: شيئًا من المال تقضي به دَينك (فَاقْضِنِي، وَإِلَّا)؛ أي: وإن لم تجد ذلك فـ (أَنْتَ فِي حِلٍّ)؛ أي: في حلال، وبراءة من دَيني.


(١) أراد بالأم: صحيح مسلم.
(٢) "شرح الأبيّ" ٦/ ٣٠٨ - ٣٠٩.