للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المفعول، وقد يعرض ما يوجب الخروج عن هذا الأصل على ما هو مذكور في محلّه، وليس في هذا الحديث إلا الفصل بين الفاعل والمفعول بما ليس بأجنبيّ، بل بما يفيد توكيدًا، وذاك خفيف. انتهى (١).

(رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بنصب "رسول" كما أسلفته آنفًا، (وَهُوَ)؛ أي: والحال أنه - صلى الله عليه وسلم - (يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا)؛ أي: أمهل، وأخّر فقيرًا، مع بقاء الدَّين على حاله، (أَوْ وَضَعَ عَنْهُ)؛ أي: حطّ، وأسقط عن المعسر بعض الديون، (أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ") الضمير لله تعالى، قيل: المراد: ظلّ العرش، وقيل: ظلّ الجنّة، والحقّ أن الكلّ محتمل، ولكن الأَولى أن نفوّض علم حقيقته إلى الله تعالى.

قال الأبيّ رحمه الله: فإن قلت: القاعدة أن ثواب الواجب أكثر من ثواب المندوب، والأمر هنا بالعكس؛ لأن الإنظار واجب، والوضع مندوب، ومن المعلوم أن ثواب الوضع أكثر من ثواب الإنظار.

قلت: أجيب بأن ثواب المندوب هنا إنما كان أكثر لاستلزامه الواجب؛ لأن الوضع إنظار وزيادة، وإنما يكون الأمر كما ذكرت لو لم يكن يستلزمه. انتهى (٢).

(قَالَ) عبادة بن الوليد بالسند السابق: (فَقُلْتُ لَهُ)؛ أي: لأبي اليسر، وقوله: (أَنَا) توكيد للضمير المتّصل، والفصل بالجارّ والمجرور مغتفَر. (يَا عَمِّ) مثلث الميم، والضمّ أضعفها، وقد تقدّم توجيهه قريبًا. (لَوْ) شرطيّة، وجوابها محذوف؛ أي: لكان خيرًا، أو هي للتمنّي، فلا تحتاج إلى جواب؛ أي: أتمنّى (أنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ، وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ، وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ) قال الأبيّ رحمه الله: كذا الرواية، وفيها خلل، نبّهَنا عليه بعض شيوخنا، قال: لأن أصل ما أشار به عليه أن يبدل كلّ واحد منهما جميع ما عليه بجميع ما على الآخر، ولا يفيد القصد، فإن قصده أن يكون على أحدهما بُردان، وعلى الآخر معافريّان، وهذا لا يستقيم مع العطف بالواو، وإنما يستقيم مع العطف بـ "أو"، وهذا معنى قوله: فيكون عليك حلّة،


(١) "شرح الأبيّ" ٧/ ٣١٠.
(٢) "شرح الأبيّ" ٧/ ٣١٠.