للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم قال جابر - رضي الله عنه -: (أَتَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا)، أي: المسجد الذي صلى فيه جابر بثوب واحد مشتملًا.

وهذا الحديث لا علاقة له بما قبله من جواز الصلاة في الثوب الواحد، وإنما ذكره مستقلًّا، لكون عبادة وأبيه أتيا إليه طالبين للعلم.

(وَ) الحال أن (فِي يَدِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ) العرجون بضمّتين بينهما راء ساكنة: عُود العنقود من النخل، مشتمل على شَماريخ كثيرة، والشماريخ جمع شمراخ، والشمراخ: الحبال التي تنفرد به كلّ حبّة من حبوب الرطب، و"ابن طاب" نوع طيّب من أنواع التمر (١).

وقال القرطبيّ: العرجون عود الكباسة، والكباسة، والعذق، والعثكال، والعثكول كله واحد، وكل غصن من أغصان الكباس فيه شمراخ، والشمراخ هو الذي عليه البسر من خمس إلى ثمان، وابن طاب نوع من التمر طيب، قال ابن حمزة: ابن طاب عذق بالمدينة، والعذق بفتح العين: النخل نفسه. انتهى (٢).

(فَرَأى) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (فِي قِبْلَةِ المَسْجِدِ): أي: جدار المسجد في جهة القبلة (نُخَامَةً) بضمّ النون، وبالميم، وهي ما يخرج من الصدر من الفضلة، والمخاط بالميم، وبالطاء: ما يخرج من الأنف، والنخاعة بفصم النون، وبالعين المهملة: اسم مشترك بين ما يخرج من الصدر، وما يخرج من الأنف، ذكره الترمسيّ في "موهبة ذي الفضل" (٣). (فَحَكَّهَا)؛ أي: أزال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تلك النخاعة (بِالْعُرْجُونِ)، أي: بعود الكباسة، (ثمَّ أَقْبَلَ) - صلى الله عليه وسلم - (عَلَيْنَا، فَقَالَ: "أيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ) بضم أوله، من الإعراض، وإعراض الله عز وجل عن عبده صفة ثابتة له على ما يليق بجلاله؛ كصفة الغضب، والرضا، والمحبّة، وغيرها (اللهُ عَنْهُ؟ "، قَالَ) جابر: (فَخَشَعْنَا)؛ أي: فزعنا لذلك، قال الأبّي: الخشوع: السكون، والتذلّل، وهو أيضًا الخضوع، وأيضًا الخوف، وأيضًا غضّ البصر في الصلاة، قال الله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} [المؤمنون: ٢]؛ أي:


(١) "الكوكب الوهاج" ٢٦/ ٤٧١.
(٢) "شرح الأبيّ" ٧/ ٣١١.
(٣) "الكوكب الوهاج" ٢٦/ ٤٧١.