للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): اعتبار مهر الْمِثل في المحجورات، وأن غيرهنّ يجوز نكاحها بدون ذلك.

٥ - (ومنها): جواز تزويج اليتامى قبل البلوغ؛ لأنهنّ بعد البلوغ، لا يقال لهنّ: يتيمات، إلا أن يكون أطلق استصحابًا لحالهنّ.

٦ - (ومنها): بيان سبب نزول الآيتين، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): كتب أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه الله- على حديث عائشة -رضي الله عنها- بحثًا مطوّلًا أحببت إيراده؛ لِمَا فيه من الفوائد الغزيرة، قال -رحمه الله-:

قوله: {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١]: فزعتم، وفرَقتم، وهو ضد الأمن، ثم قد يكون الخوف منه معلوم الوقوع، وقد يكون مظنونًا، فلذلك اختَلَف العلماء في تفسير هذا الحديث، هل هو بمعنى العلم، أو بمعنى الظنّ، فقال بعضهم: خفتم: علمتم، وقال آخرون: {خِفْتُمْ} [البقرة: ٢٢٩]: ظننتم، وحقيقة الخوف ما ذكرناه أوّلًا. {وَتُقْسِطُوا} [الممتحنة: ٨]: تعدلوا، وقد تقدَّم: أن أقسط بمعنى عدل، وقسط: بمعنى جارَ، وقد تقدم أن اليتيم في بني آدم من قِبَل فَقْد الأب، وفي غيرهم من قِبَل فَقْد الأم، وأن اليتيم إنما أصله أن يقال على من لم يبلغ، وقد أُطلق في هذه الآية على المحجور عليها، صغيرة كانت، أو كبيرة؛ استصحابًا لإطلاق اسم اليتيم؛ لبقاء الحجر عليها، وإنما قلنا: إن اليتيمة الكبيرة قد دخلت في الآية؛ لأنَّها قد أبيح العقد عليها في الآية، ولا تنكح اليتيمة الصغيرة؛ إذ لا إذن لها، فإذا بلغت جاز نكاحها، لكن بإذنها، كما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيما خَرَّج الدارقطنيّ، وغيره في بنت عثمان بن مظعون، وأنها يتيمة، ولا تنكح إلا بإذنها (١)، وهذا مذهب الجمهور؛ خلافًا لأبي حنيفة، فإنَّه قال: إذا بلغت لم تحتج إلى وليّ؛ بناءً على أصله في عدم اشتراط الوليّ في صحة النكاح -كما قدمناه في كتاب النكاح-.

وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] قد تقدَّم أن "ما" أصلها لِمَا لا يعقل، وقد تجيء بمعنى الذي، فتُطلق على من يعقل، كما جاءت في هذه الآية، فإنَّها فيها للنساء، وهنّ ممن يعقل، ولا يُلتفت لقول من قال: إن


(١) رواه الدارقطنيّ ٣/ ٢٢٩ - ٢٣٠.