للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أجاز بعض المفسرين أن الآية التي في التحريم كانت في الأصل: "فإن الله هو مولاه، وجبريل وصالحو المؤمنين" لكن حُذِفت الواو من الخطّ على وفق النطق، وهو مثل قوله: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)} [العلق: ١٨]، وقوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [القمر: ٦]، وقوله: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} [الشورى: ٢٤].

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: إنما وَليّي مَن كان صالحًا، وإن بَعُدَ نسبه مني، وليس وَلِيِّي مَن كان غير صالح، وإن كان نسبه قريبًا منّي. انتهى (١).

وقد وقع في شرح "المشكاة": المعنى: أني لا أُوالي أحدًا بالقرابة، وإنما أحبّ الله تعالى لما له من الحقّ الواجب على العباد، وأحبُّ صالح المؤمنين؛ لوجه الله تعالى، وأُوالي مَن أوالي بالإيمان والصلاح، سواء كان مِن ذوي رَحِم أو لا، ولكن أَرْعَى لذوي الرحم حقَّهم صلة الرحم. انتهى، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهو كلام مُنَقَّح. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [٩٩/ ٥٢٥] (٢١٥)، و (البخاريّ) في "الأدب" (٥٩٩٠)، وزاد البخاريّ تعليقًا: "ولكن لهم رَحِمٌ، أَبُلّها ببَلالها"، ووصله أبو عوانة، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٢٠٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢٧٦ و ٢٧٧)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٥٢٨)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان وجوب موالاة المؤمنين، ومقاطعة غيرهم، والبراءة منهم.

٢ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: دلّ الحديث على أن الولاية في الإسلام إنما هي بالموافقة فيه بخصال الديانة، وزمام الشريعة، لا بامتشاج


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٨٨.
(٢) "الفتح" ٤٣٥.