للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١)} [الممتحنة: ١]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠)} [البروج: ١٠].

فليبادر من ابتُلي بمخالفة هذه النصوص، بأن والى أعداء الله، أو عادى أولياء الله بالتوبة النصوح؛ إذ هي تَجُبّ ما قبلها، وقد قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التائب من الذَّنْب كمن لا ذنب له"، حديث حسنٌ (١).

٣ - (ومنها): ما قاله ابن بطال - رَحِمَهُ اللهُ -: أوجب في هذا الحديث الولايةَ بالدين، ونفاها عن أهل رَحِمِه إن لَمْ يكونوا من أهل دينه، فَدَلّ ذلك على أن النسب يحتاج إلى الولاية التي يقع بها الموارثة بين المتناسبين، وأن الأقارب إذا لَمْ يكونوا على دين واحد لَمْ يكن بينهم توارث، ولا ولاية.

٤ - (ومنها): ما قاله ابن بطّال - رَحِمَهُ اللهُ - أيضًا: أنه يستفاد منه أن الرحم المأمور بصلتها، والمتوعَّدَ على قطعها هي التي شُرع لها ذلك، فأما مَن أُمِر بقطعه من أجل الدين، فَيُسْتَثنَى من ذلك، ولا يُلْحَق بالوعيد مَن قطعه؛ لأنه قَطَع من أمر الله بقطعه، لكن لو وُصِلوا بما يُباح من أمر الدنيا لكان فضلًا، كما دعا - صلى الله عليه وسلم - لقريش بعد أن كانوا كَذَّبوه، فدعا عليهم بالقحط، ثم استَشْفَعُوا به، فَرَقَّ لهم لَمّا سألوه بِرَحِمهم، فَرَحِمَهم، ودعا لهم. انتهى.

قال الحافظ: ويُتعَقَّب كلامه في موضعين:

[أحدهما]: يشاركه فيه كلام غيره، وهو قصره النفي على مَن ليس على الدين، وظاهر الحديث أن مَن كان غير صالح في أعمال الدين، دخل في النفي أيضًا؛ لتقييده الولاية بقوله: "وصالحُ المؤمنين".


(١) أخرجه ابن ماجة في "سننه" في "كتاب الزهد" (٤٢٤٠)، وحسّنه الشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -.