[والثاني]: أن صلة الرحم الكافر ينبغي تقييدها بما إذا أَيِسَ منه رجوعًا عن الكفر، أو رَجَا أن يَخرُج من صلبه مسلمٌ، كما في الصورة التي استَدَلّ بها، وهي دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لقريش بالْخِصْب، وعَلَّل بنحو ذلك، فيَحتاج مَن يترخص في حلة رحمه الكافر، أن يَقْصِد إلى شيء من ذلك، وأما من كان على الدين، ولكنه مُقَصِّرٌ في الأعمال مثلًا، فلا يشارك الكافر في ذلك. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو تعقّبٌ جيِّد، والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن في قوله: "جِهَارًا": أي علانيةً، لَمْ يُخفِه، بل باح به، وأظهره، وأشاعه، مشروعيّةَ الإعلان بالتبرُّؤِ من المخالفين، وبموالاة الصالحين، لكن إن لَمْ يَخَف ترتُّبَ فتنة عليه.
٦ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة، ورواة الحديحث من الستر على المجروح، والتكنية عنه؛ دفعًا للمفاسد المترتّبة على التصريح به، إما منه، أو من أحد أقاربه، وهذا كلّه إذا لَمْ يترتّب مفسدة في عدم ذكره، وإلا فالواجب إظهاره، والتصريح به، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل التأويل في المراد بقوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}[التحريم: ٤]:
(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك على أقوال:
[أحدها]: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أخرجه الطبريّ، وابن أبي حاتم، عن قتادة، وأخرجه الطبريّ، وذكره ابن أبي حاتم عن سفيان الثوريّ، وأخرجه النقاش عن العلاء بن زياد.
[الثاني]: الصحابة - رضي الله عنهم -، أخرجه ابن أبي حاتم عن السديّ، ونحوه في "تفسير الكلبيّ"، قال: هم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وأشباههم، ممن ليس بمنافق.
[الثالث]: خيار المؤمنين، أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك.
[الرابع]: أبو بكر، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم -، أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن البصريّ.