للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَى مَا سَمِعَ) أي بلغه، ووصل إليه مما شرعه الله تعالى (وَلَكِنْ) استدراك على قوله: "قد أحسن … إلخ"، يعني أن استرقاءك مما لُدغت؛ لما سمعته من الحديث عملٌ مستحسنٌ؛ لأن من عَمِلَ عملًا له عليه حجة من الكتاب والسنّة، فقد أحسن، ولا لوم عليه، ولكن أعلى من ذلك تركه توكّلًا على الله تعالى؛ لِمَا (حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "عُرِضَتْ) بضمّ أوله، مبنيًّا للمفعول (عَلَيَّ) بتشديد الياء (الْأُمَمُ) بالرفع على أنه نائب فاعل "عُرِضَت".

[تنبيه]: قد بَيَّن عَبْثَرُ بن القاسم - بموحدة، ثم مثلثة، وِزَانُ جعفر - في روايته، عن حُصين بن عبد الرَّحمن عند الترمذيّ، والنسائيّ أن ذلك كان ليلة الإسراء، ولفظه: "لَمّا أُسري بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - جَعَل يمر بالنبيّ، ومعه الواحد … " الحديث.

قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: فإن كان ذلك محفوظًا كانت فيه قُوّة لمن ذَهَب إلى تعدد الإسراء، وأنه وقع بالمدينة الذي وَقَع بمكة، فقد وقع عند أحمد، والبزار، بسند صحيح، قال: أكرينا الحديث (١) عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم عُدْنا إليه، فقال: "عُرِضت عليّ الأنبياءُ الليلةَ بأممها، فجَعَلَ النبيّ يَمُرّ، ومعه الثلاثة، والنبيّ يمر ومعه العصابة … " فذكر الحديث.

وفي حديث جابر - رضي الله عنه - عند البزار: "أبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العشاء، حتى نام بعض من كان في المسجد … " الحديث.

قال: والذي يتحرّر من هذه المسألة أن الإسراء الذي وقع بالمدينة ليس فيه ما وقع بمكة، من استفتاح أبواب السماوات بابًا بابًا، ولا من التقاء الأنبياء، كلّ واحد في سماء، ولا المراجعة معهم، ولا المراجعة مع موسى فيما يتعلق بفرض الصلوات، ولا في طلب تخفيفها، وسائر ما يتعلق بذلك، وإنما تكررت قضايا كثيرة سوى ذلك، رآها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فمنها بمكة البعض، ومنها بالمدينة بعد الهجرة البعض، ومعظمها في المنام. انتهى كلام الحافظ (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - في هذا التحقيق، فتقدّم


(١) أي أطلنا، وأخّرنا.
(٢) "الفتح" ١١/ ٤١٤ - ٤١٥.