للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يكون معناه: في جملتهم سبعون ألفًا، ويؤيد هذا رواية البخاري في "صحيحه": "هذه أمتك، ويدخل الجَنَّة من هؤلاء سبعون ألفًا"، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": المراد بالمعية: المعنويةُ، فإن السبعين ألفًا المذكورين من جملة أمته، لكن لَمْ يكونوا في الذين عُرِضُوا إذ ذاك، فأريد الزيادة في تكثير أمته بإضافة السبعين ألفًا إليهم.

وقد وقع في رواية محمد بن فضيل، عن حُصين: "ويدخل الجَنَّة من هؤلاء سبعون ألفًا بغير حساب"، وفي رواية عَبْثَر بن القاسم، عن حصين: "هؤلاء أمتك، ومن هؤلاء من أمتك سبعون ألفًا".

والإشارة بـ "هؤلاء" إلى الأمة، لا إلى خُصوص مَن عُرِض، ويحتمل أن تكون "مع" بمعنى: "مِن"، فتأتلف الروايات.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال في "الفتح": "مع" بمعنى: "من"، وهذا يحتاج إلى ثبوته عن أهل اللغة، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ نَهَضَ) من باب نَفَع: أي قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مجلسه ذلك (فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ) بالخاء والضاد المعجمتين: أي تكلّموا، وتناظروا، وفي هذا إباحة المناظرة في العلم، والمباحثة في نصوص الشرع، على جهة الاستفادة، وإظهار الحق، والله تعالى أعلم. (فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُم الَّذِينَ صَحِبُوا) بفتح أوله، وكسر ثانيه، يقال: صَحِبَه يَصْحَبه من باب تَعِبَ، صُحْبَةً (رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُم الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَام، وَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ) وفي رواية عَبْثَر: "فدَخَلَ، ولم يسألوه، ولم يُفسِّر لهم"، وفي رواية محمد بن فُضيل: "فأفاض القوم، فقالوا: نحن الذين آمنا بالله، واتبعنا الرسول، فنحن هم، أو أولادنا الذين وُلدوا في الإسلام، فإنا وُلدنا في الجاهلية، فبلغ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فخرج، فقال … "، وفي رواية حُصَين بن نُمير: "فقالوا: أما نحن فوُلدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله وبرسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا"، وفي


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٩٤.