للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث جابر - رضي الله عنه -: "وقال بعضنا: هم الشهداء"، وفي رواية له: "مَن رَقَّ قلبه للإسلام".

(فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ " فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: "هُمُ الذِينَ لَا يَرْقُونَ) هكذا في رواية سعيد بن منصور قال: "لا يرقون وقال غيره بدلها: "لا يَكتوُون ولفظ البخاريّ: "قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون".

قال في "الفتح": اتَّفَقَ على ذكر هذه الأربع معظمُ الروايات في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وإن كان عند البعض تقديم وتأخير، وكذا في حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - عند مسلم - يعني الذي تقدّم قبل هذا - وفي لفظ له سقط: "ولا يتطيرون".

قال: وقد أنكر الشيخ تقيّ الدين ابن تيمية هذه الرواية - يعني رواية سعيد بن منصور هذه - بلفظ: "ولا يَرْقُون"، وزعم أنَّها غلط من راويها، واعتَلَّ بأن الراقي يُحسِن إلى الذي يَرقيه، فكيف يكون ذلك مطلوبَ الترك؟، وأيضًا فقد رَقَى جبريل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورَقَى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، وأذن لهم في الرُّقَي، وقال: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل"، والنفع مطلوب، قال: وأما الْمُستَرقِي فإنه يسأل غيره، ويرجو نفعه، وتمام التوكل ينافي ذلك، قال: وإنما المراد وصف السبعين بتمام التوكل، فلا يسألون غيرهم أن يَرْقِيَهم، ولا يَكْويهم، ولا يتطيرون من شيء.

وأجاب غيره: بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخاري ومسلم، واعتمد مسلم على روايته هذه، وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه، والمعنى الذي حَمَله على التغليط موجود في المسترقِي؛ لأنه اعْتَلّ بأن الذي لا يطلب من غيره أن يَرقيه تامّ التوكل، فكذا يقال له: والذي يَفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يُمَكِّنه منه؛ لأجل تمام التوكل، وليس في وقوع ذلك من جبريل؛ دلالةٌ على الْمُدَّعَى، ولا في فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له أيضًا دلالةٌ لأنه في مقام التشريع، وتبيينِ الأحكام.

ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورون الرُّقَى والاسترقاءَ حسمًا للمادة؛