للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢ - (ومنها): مشروعيّة المناقشة والمناظرة في نصوص الكتاب والسنّة؛ للتوصّل إلى الغرض المطلوب منها، فإن هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم -، تنازعوا في هؤلاء السبعين ألفًا، وأقرّهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ثم بيّن لهم ما هو الصواب في المسألة.

وأما ما ورد من إنكاره - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فمحمول على ما يؤدّي إلى المغالطة، وإظهار الغلبة على الأقران، ودفع بعض النصوص ببعض، فإن ذلك حرام، أو فيما لا ينبغي الخوض فيه، كالقدر، والتنازع في متشابه الكتاب والسنّة.

فقد أخرج المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - في "كتاب العلم"، فقال: (٢٦٦٦) حدثنا أبو كامل، فُضيل بن حسين الْجَحْدريّ، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أبو عمران الْجَوْني، قال: كتب إليّ عبد الله بن رَبَاح الأنصاريّ، أن عبد الله بن عمرو، قال: هَجَّرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، قال: فسمع أصوات رجلين، اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يُعرَف في وجهه الغضب، فقال: "إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب".

وأخرج الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - في "مسنده"، بسند صحيح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن نَفَرًا كانوا جلوسًا بباب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعضهم: ألم يقل الله: كذا وكذا؟ وقال بعضهم: ألم يقل الله: كذا وكذا؟، فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخَرَج، كأنما فُقِئ في وجهه حَبّ الرُّمّان، فقال: "بهذا أُمرتم؟ أو بهذا بُعثتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟ إنما ضَلّت الأمم قبلكم في مثل هذا، إنكم لستم مما ها هنا في شيء، انظروا الذي أُمرتم به، فاعملوا به، والذي نُهيتم عنه فانتهوا".

وفي رواية له: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَج على أصحابه، وهم يتنازعون في القدر، هذا ينزع آيةً، وهذا ينزع آية … فذكر الحديث (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) أخرجه في "مسند المكثرين" برقم (٦٨٠٦)، وأخرجه ابن ماجة في "سننه" برقم (٨٢).