للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ناقتي، أو أدعها؟ قال: "اعقلها، وتوكل" (١)، فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل، ذكره في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تلخّص مما سبق أن أرجح الأقوال في الجمع بين أحاديث إباحة الرقى، وحديث السبعين هذا أن الأصل هو الإباحة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله، وأمر به، ولكن من تركه؛ لشدّة توكّله، ووثوقه والرضا بقضاء ربّه، مع أنه يراه سببًا من الأسباب المشروعة، فإنه ينال هذه الدرجة الرفيعة، والمنزلة العالية، وهي دخول الجنّة بلا حساب، ولا عذاب، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قال في "الفتح": سلك الكرمانيّ في الصفات المذكورة مسلك التأويل، فقال: قوله: "لا يكتوون"، معناه: إلَّا عند الضرورة، مع اعتقاد أن الشفاء من الله، لا من مجرد الكيّ، وقوله: "ولا يسترقون": معناه: بالرُّقَى التي ليست في القرآن، والحديث الصحيح، كرُقَى الجاهلية، وما لا يُؤْمَن أن يكون فيه شرك، وقوله: "ولا يتطيرون": أي لا يتشاءمون بشيء، فكأن المراد أنهم الذين يتركون أعمال الجاهلية في عقائدهم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: ما سلكه الكرماني - رَحِمَهُ اللهُ - من التأويل المذكور بعيد عن الحديث، والصواب ما قدّمناه، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): فيما يتعلّق بقوله: "ولا يكتوون":


(١) أخرجه الترمذيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "جامعه": (٢٤٤١) حدثنا عمرو بن عليّ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا المغيرة بن أبي قُرّة الدوسيّ، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رجل: يا رسول الله، أعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ قال: "اعقلها وتوكل".
قال عمرو بن علي: قال يحيى: وهذا عندي حديث منكر، قال أبو عيسى: وهذا حديث غريب، من حديث أنس، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، وقد رُوي عن عمرو بن أمية الضمريّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هذا. انتهى. وحسّنه الشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، انظر: "صحيح الجامع" رقم (١٠٦٨).
(٢) ١٠/ ٢٢٢ "كتاب الطبّ" رقم (٥٧٥٢).