للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عند المصنّف بذكر "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وكذا هو عند البخاريّ في رواية كريمة، ونحوه عنده من رواية أبي أسامة وحفص المذكورة، ووقع عنده من رواية جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش بحذفه، قال في "الفتح": كذا وقع للأكثر، وبه جزم أبو نعيم في "المستخرج".

("يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: يَا آدَمُ) وقد بيّن في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاريّ أن خطاب آدم بذلك أولُ شيء يقع يوم القيامة، ولفظه: "أوّلُ مَن يُدْعَى يوم القيامة آدم - عَلَيْهِ السَّلَام -، فتراءى ذريته" - بمثناة واحدة، ومدّ، ثم همزة مفتوحة ممالة - وأصله: "فتتراءى"، فحذفت إحدى التاءين، وتراءى الشخصان: تقابلا، بحيث صار كلٌّ منهما يتمكن من رؤية الآخر، ووقع في رواية الإسماعيلي من طريق الدّرَاورديّ، عن ثور: "فتتراءى له ذريته" على الأصل، وفيه: "فيقال: هذا أبوكم وفي رواية الدراورديّ: "فيقولون هذا أبوكم".

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما خُصّ آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - بذلك القول؛ لأنه أبٌ للجميع، ولأن الله تعالى قد جَمَعَ له نَسَمَ بنيه في السماء بين يديه، وهم الأسودة التي رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمين آدم، وهم أهل الجنّة، وعن يساره، وهم أهل النار، كما تقدّم. انتهى (١).

(فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ) معناه: إجابةً بعدَ إجابة (وَسَعْدَيْكَ) معناه: مساعدة بعد مساعدة، وكلاهما منصوبان على المصدريّة، ولم تستعمل العرب لهما فعلًا من لفظه يكون مصدره، قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى في شرح حديث أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ - رضي الله عنه -: "يا معاذ بن جبل، فقال: لبيك يا رسول الله، وسعديك"، فراجعه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.

(وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ) أي تملكه أنت لا يملكه غيرك، وهذا كقوله تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ٢٦]: أي بيدك الخير والشرّ، ولكن سكت عن نسبة الشرّ إليه تعالى مراعَاةً لأدب الحضرة، ولم ينسُب الله تعالى الشرّ لنفسه؛ تعليمًا لنا؛ مراعاةَ الأدب، واكتَفَى بقوله: {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ


(١) "المفهم" ١/ ٤٧٠.
(٢) "المفهم" ١/ ٤٧١.