للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونفسه قد تنازعه إليها، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "إن الله عز وجل يقول: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، لأنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي" (١)، وفيه أيضًا صبر على الأقدار المؤلمة، بما قد يَحصُل للصائم من الجوع والعطش، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُسَمِّي شهر الصيام شهر الصبر، وقد جاء في حديث الرجل من بني سُليم، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الصوم نصف الصبر، وربما عَسُر الوقوف على سِرّ كونه نصف الصبر أكثر من عُسْر الوقوف على سرّ كون الطهور شطر الإيمان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والقرآن حجةٌ لك، أو عليك"، قال الله عز وجل: ({وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإسراء: ٨٢]، قال بعض السلف: ما جالس أحدٌ القرآن، فقام عنه سالِمًا، بل إما أن يَرْبَح، أو أن يَخسر، ثم تلا هذه الآية.

ورُوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُمَثَّل القرآن يوم القيامة رجلًا، فيؤتى بالرجل، قد حمله، فخالف أمره، فيتمثل له خصمًا، فيقول: يا رب حَمّلته إياي، فشرّ حامل، تعدَّى حدودي، وضَيّع فرائضي، ورَكِب معصيتي، وترك طاعتي، فما يزال يَقْذِف عليه بالحجج، حتى يقال: شأنَكَ به، فيأخذه بيده فما يرسله حتى يَكُبّه على مَنخِره في النار، ويؤتى بالرجل الصالح، كان قد حَمَله، فيَتَمَثّل خصمًا دونه، فيقول: يا رب حَمّلته إياي، فخير حامل، حَفِظَ حدودي، واجتنب معصيتي، واتَّبَع طاعتي، فما يزال يَقْذِف له بالحجج، حتى يقال: شأنَك به، فيأخذه بيده، فما يرسله حتى يُلْبِسه حُلَّة الإستبرق، ويَعْقِد عليه تاج الملك، ويسقيه كأس الخمر" (٢).


(١) متّفقٌ عليه.
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "مصنّفه" ١٠/ ٤٩١ - ٤٩٢، والبزار في "مسنده" (٢٣٣٧). قال الهيثميّ في "المجمع" ٧/ ١٦١: وفيه ابن إسحاق، وهو ثقةٌ، ولكنه مدلس، وبقية رجاله ثقات.