عامر: يا أبا عبد الرحمن ما يَمنعُك أن تقول؟ قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . .، فذكره.
(يَقُولُ:"لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها، وهو قوله:(تُقْبَلُ) بالبناء للمفعول، ونائب فاعله قوله:(صَلَاةٌ) إنما نكّرها؛ ليعمّ الفرض والنفل، قال السنديّ: قبول الله تعالى رضاه به، وثوابه عليه، وعدم القبول أن لا يُثيبه عليه. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: تفسير القبول بالرضا تفسير باللازم، وهو غير صحيح، بل الصواب أن القبول، كالرضا، والمحبّة، وسائر صفات الله تعالى على ظاهر معناه المعروف من لغة العرب، فهي صفات لله تعالى ثابتة له كما أثبتتها النصوص الصحيحة، على ما يليق بجلاله عز وجل، فنُثبتها له إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقال العلامة ابن الملقّن رحمه الله: القبول يراد في الشرع: حصول الثواب، وقد تتخلّف الصحّة عن الثواب، بدليل صحّة صلاة العبد الآبق، ومن أتى عرّافًا، وشارب الخمر إذا لم يَسكَر ما دام في جسده شيء منها، وكذا الصلاة في الدار المغصوبة على الصحيح عندنا - يعني الشافعيّة -.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: بدليل صحّة صلاة العبد الآبق. . إلخ فيه نظر لا يخفى، فأين في ليل صحّة صلاة هؤلاء؟، وكذا قوله: "بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة"، فالراجح عندي ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من عدم صحّتها، وقد حقّقت هذا في شرح "التحفة المرضيّة" في الأصول، فراجعه تستفد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
قال: فأما ملازمة القبول للصحّة، ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"، صححه الأئمة: ابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم.
والمراد بها مَنْ بَلَغت سنّ الحيض، فإنه لا تُقبل صلاتها إلا بسترتها، ولا تصحّ، ولا تُقبل مع الكشاف عورتها.