للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قد اختُلف في حكم الماء المستعمل على أقوال:

فذهب الحسن البصريّ، والزهريّ، والنخعيّ، وداود، ومالك إلى أنه طاهر مطهّر؛ لبقائه على أصله، وهو الطهوريّة الثابتة له بنصّ قوله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨].

وذهبت الشافعيّة، وغيرهم إلى أنه طاهر غير مطهّر.

وذهبت بعض الحنفيّة إلى أنه نجس، والصحيح المذهب الأول؛ لوضوح حجته. وسيأتي تمام البحث فيه في محلّه - إن شاء الله تعالى -.

وقال ابن دقيق العيد رحمه الله أيضًا: استَعْمَلَ الفقهاء الحدث عامًّا فيما يوجب الطهارة، فإذا حُمل الحديثُ عليه - أعني قوله: "إذا أحدث" - جَمَع أنواع النواقض على مقتضى الاستعمال، لكنْ أبو هريرة - رضي الله عنه - راويه فَسَّرَ الحديث في بعض الروايات لَمّا سُئل عنه بأخصّ من هذا الاصطلاح، وهو الريح، إما بصوت، أو بغير صوت، فقيل له: "ما الحدث يا أبا هريرة؟ " فقال: "فُسَاءٌ أو ضُرَاطٌ"، ولعلّه قامت له قرائن حاليّة اقتضت هذا التخصيص. انتهى كلام ابن دقيق العيد رحمه الله (١)، وهو بحث مفيد، والله تعالى أعلم.

وقوله: (حَتَّى يَتَوَضَّأَ) غاية لنفي القبول، والمعنى: حتى يتوضّأ بالماء، أو ما يقوم مقامه، وقد رَوَى النسائي بإسناد قويّ، عن أبي ذرّ - رضي الله عنه - مرفوعًا: "الصعيد الطيب وَضُوء المسلم"، فأطلق الشارع على التيمم أنه وُضوءٌ؛ لكونه قام مقامه، ولا يخفى أن المراد بقبول صلاة مَن كان محدثًا، فتوضأ؛ أي مع باقي شروط الصلاة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) المصدر المذكور.