للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزيادة مقبولة، وليس كما قال، بل هي رواية شاذّة، لا تُقبل. وسيأتي تحقيق القول في ذلك قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: هذا يدلّ على استحباب التكرار في غسل الرجل ثلاثًا، وبعض الفقهاء لا يرى هذا العدد في الرِّجل كما في غيرها من الأعضاء، وقد ورد في الروايات: "فغسل رجليه حتى أنقاهما"، ولم يذكر عددًا، فاستُدِلّ به لهذا المذهب، وأُكّد من جهة المعنى بأن الرجل لقربها من الأرض في المشي عليها تكثُر فيها الأوساخ والأَدْرَانُ، فيُحال الأمر فيه على مجرّد الإنقاء من غير اعتبار العدد، والرواية التي فيها ذكر العدد زائدةٌ على الرواية التي لم يُذكَر فيها، فالأخذ بها متعيِّنٌ، والمعنى المذكور لا يُنافي اعتبار العدد، فليُعْمَل بما دلّ عليه لفظ الحديث. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ابن دقيق العيد رحمه الله أخيرًا هو الحقّ، وحاصله أنه يُستحبّ تثليث غسل الرجلين، كسائر الأعضاء، كما صرّح به في هذا الحديث، وأما القول بعدم استحباب التثليث، وتعليله بما ذكروه من كثر الأوساخ والأدران فيها يقتضي عدم اعتباره، فتعليل عقليّ في مقابلة النصّ، فلا اعتداد به، ولنعم ما قيل [من الوافر]:

إِذَا جَالَتْ خُيُولُ النَّصِّ … يَوْمًا تُجَارِي فِي مَيَادِنِ الْكِفَاحِ

غَدَتْ شُبَهُ الْقِيَاسِيِّينَ صَرْعَى … تَطِيرُ رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاح

والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى) وفي نسخة: "ثم غسل رجله اليسرى" (مِثْلَ ذَلِكَ) أي ثلاث مرّات (ثُمَّ قَالَ) عثمان - رضي الله عنه - (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ) جملة حاليّة من المفعول؛ لأن "رأى" هنا بصريّة، تتعدّى لمفعول واحد (نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا) أي مثله في الكيفيّات المذكورة (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ تَوَضَّأَ) "من" شرطيّة، ويحتمل كونها موصولةً (نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا) قال النوويّ: إنما قال: "نحو وضوئي"، ولم يقل؛ "مثل"؛ لأن حقيقة مماثلته لا يقدر عليها غيره.


(١) "إحكام الأحكام" ١/ ١٨٣ - ١٨٤.