كلّ وقت حتى في وقت النهي عند الشافعيّة، وهو الأرجح، خلافًا للمالكيّة.
٢٣ - (ومنها): أن الثواب الموعود مرتّبٌ على أمرين:
[الأول]: وضوؤه على النحو المذكور.
[الثاني]: صلاة ركعتين عقبه بالوصف المذكور في الحديث، والمرتّب على مجموع أمرين لا يلزم ترتيبه على أحدهما إلا بدليل خارج، وقد يكون فضيلة بوجود أحد جزئيه، فيصبح كلام من أدخل هذا الحديث في فضل الوضوء فقط؛ لحصول مطلق الثواب، لا الثواب المخصوص على مجموع الوضوء على النحو المذكور، والصلاة الموصوفة بالوصف المذكور. انتهى (١).
٢٤ - (ومنها): أن فيه إثبات حديث النفس، وهو مذهب أهل الحقّ، ثم هو قسمان:
[الأول]: ما يَهْجُمُ عليها، ويتعذّر دفعه عنها.
[والثاني]: ما يسترسل معها، ويُمكن دفعه، وقطعه، فيُحمل الحديث عليه دون الأول؛ لعسره، وهو الذي يقتضيه لفظ:"لا يُحدّث"، فإنه يدلّ على معنى التكسّب، ولا يُحمل على الخواطر التي ليست من جنس مقدور العبد؛ لأنها معفوّ عنها بالنصّ، وهذا هو الرأي الراجح، وقد تقدّم البحث فيه قريبًا، والله تعالى أعلم.
٢٥ - (ومنها): أن حديث النفس يعمّ الخواطر الدنيويّة والأخرويّة، والحديث محمول على المتعلّق بالدنيا فقط؛ لأنه مأمور بالتفكر في معاني المتلوّ من القرآن، والذكر، والدعوات، وتدبّرها، وذلك إنما يحصل بحديث النفس، وليس كلّ أمر محمود، أو مندوب إليه بالنسبة إلى غير وقته، وحاله من أمور الآخرة، بل قد يكون أجنبيًّا عنها، مثابًا عليه، وقد رُوي عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يجهّز الجيش، وهو في الصلاة، واستعجل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو في صلاة، وفرغ منها، وسئل عن ذلك، فقال:"كان عندي شيء من تبر، فكرهتُ أن يَحبسني، فقسمته"، أخرجه البخاريّ، وكلّ ذلك قربة خارجة عن مقصود الصلاة، وفي كتاب الصلاة للحكيم الترمذيّ، قال سعد - رضي الله عنه -: "ما