للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قمت في صلاة، فحدّثت نفسي فيها بغيرها فقال الزهريّ: رحم الله سعدًا إن كان لمأمونًا على هذا، ما ظننت أن يكون هذا إلا في نبيّ.

قال ابن الملقّن رحمه الله: ويؤيّد ما سلف أنه جاء في رواية: "لا يُحدّث فيها نفسه بشيء من الدنيا، ثم دعا إلا استُجيب له"، ذكرها الحاكم الترمذيّ أيضًا في الكتاب المذكور (١). انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة القول أن المراد بقوله - رضي الله عنه -: "لا يحدّث نفسه. . إلخ" تحديث النفس بأمور لا تتعلّق بالصلاة، كأمور الدنيا، أو أمور الآخرة الأجنبيّة من الصلاة، كالتفكير في مسألة فقهيّة، فلا يشمل الخواطر التي لا تستقرّ، إذا دفعها، ولم يسترسل معها، فإنها لا تضرّ، وكذلك تحديث النفس بمعاني ما يقرؤه من كتاب الله عز جل، أو يذكر الله، أو يدعوه به، فإن ذلك من مقاصد الصلاة، فلا ينافي حصول الثواب الموعود، والله تعالى أعلم.

[تنبيه] لشيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله توجيه حسنٌ للأثر المنقول عن عمر - رضي الله عنه - الذي تقدّم، ودونك نصّه، قال رحمه الله:

وأما ما يُرْوَى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من قوله: "إني لأُجهّز جيشي، وأنا في الصلاة"، فذاك لأن عمر كان مأمورًا بالجهاد، وهو أمير المؤمنين، فهو أمير الجهاد، فصار بذلك من بعض الوجوه بمنزلة المصلِّي الذي يُصلّي صلاةَ الخوف حال معاينة العدوّ، إما حال القتال، وإما غير حال القتال، فهو مأمور بالصلاة، ومأمور بالجهاد، فعليه أن يؤدّي الواجبين بحسب الإمكان، وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ


(١) قال الصنعانيّ في "العدّة" ١/ ١٩٠: وهي في "الزهد" لابن المبارك، و"مصنف ابن أبي شيبة"، قال الحافظ العراقيّ رحمه الله في "تخريج أحاديث الإحياء": أخرجه ابن أبي شيبة من حديث صلة بن أشيم مرسلًا، وهو في "الصحيحين" من حديث عثمان - رضي الله عنه - بزيادة في أوله دون قوله: "بشيء من الدنيا"، وزاد الطبرانيّ في "الأوسط": "إلا بخير". انتهى.
قال الزبيديّ في "إتحاف السادة المتّقين" ٣/ ٣٥: قال تلميذه الحافظ: لفظ ابن أبي شيبة في "المصنّف": "لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه". انتهى.
(٢) "الإعلام" ١/ ٣٥٣ - ٣٥٥.