توضّأتَ فانتثر"، وهو حديث صحيح، وقد أشبعت الكلام في هذا في شرح النسائيّ، فراجعه تستفد (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع المآب.
(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في غسل الوجه:
قال العلّامة ابن رُشد رحمه الله في كتابه "بداية المجتهد": اتَّفَق العلماء على أن غسل الوجه بالجملة من فرائض الوضوء؛ لقوله تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية [المائدة: ٦]، واختلفوا منه في ثلاثة مواضع: في غَسْلِ البياض الذي بين العِذَار والأذن، وفي غسل ما انسَدَل من اللحية، وفي تخليل اللحية.
فالمشهور من مذهب مالك أنه ليس البياض الذي بين العذار والأذن من الوجه، وقد قيل في المذهب بالفرق بين الأمرد والملتحي، فيكون في المذهب ثلاثة أقوال.
وقال أبو حنيفة، والشافعيّ: هو من الوجه، وأما ما انسدل من اللحية، فذهب مالك إلى وجوب إمرار الماء عليه، ولم يوجبه أبو حنيفة، ولا الشافعيّ في أحد قوليه.
وسبب اختلافهم في هاتين المسألتين هو خفاء تناول اسم الوجه لهذين الموضعين، أعني: هل يتناولهما أو لا يتناولهما؟، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في غسل اليدين إلى المرفقين:
قال العلّامة ابن رُشد رحمه الله: اتَّفق العلماء على أن غسل اليدين والذراعين من فروض الوضوء؛ لقوله تعالى:{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الآية [المائدة: ٦]، واختلفوا في إدخال المرافق فيها، فذهب الجمهور، ومالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة إلى وجوب إدخالها.
وذهب بعض أهل الظاهر، وبعض متأخري أصحاب مالك، والطبريّ إلى أنه لا يجب إدخالها في الغسل.
والسبب في اختلافهم في ذلك الاشتراك الذي في حرف "إلى"، وفي