للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي حقّقه الإمام ابن المنذر رحمه الله من وجوب النيّة في الوضوء والغسل، والتيمّم، وأنه إذا تطهّر بنية صلاة، أو رفع حدث، يصلّي ما يشاء فرضًا ونفلًا هو الحقّ؛ لظهور حجّته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة عشرة): في اختلاف أهل العلم في وجوب التسمية في الوضوء:

قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: قد اختلف أهل العلم في وجوب التسمية عند الوضوء، فاستحبّ كثير من أهل العلم للمرء أن يُسَمِّي الله تعالى إذا أراد الوضوء، كما استحبوا أن يسمي الله عند الأكل والشرب والنوم، وغير ذلك؛ استحبابًا لا إيجابًا، وقال أكثرهم: لا شيء على من ترك التسمية في الوضوء، عامدًا أو ساهيًا، هذا قول سفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وأصحاب الرأي، واغتسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ويعلى بن أمية يستر عليه بثوب، فقال: بسم الله.

وكان أحمد يقول: لا أعلم له حديثًا له إسناد جيدٌ، وضَعَّف حديث ابن حرملة، وقال: ليس هذا حديثًا أَحْكُم به، وكان إسحاق بن راهويه يقول في التسمية: إذا نسي أجزأه، وإذا تعمد أعاد لما يصح (١) ذلك عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وحَكَى آخر عن إسحاق أنه قال: الاحتياط الإعادة، من غير أن يبين إيجاب الإعادة.

قال ابن المنذر رحمه الله: ليس في هذا الباب خبر ثابتٌ يوجب إبطال وضوء من لم يذكر اسم الله عليه، فالاحتياط أن يُمسمي الله من أراد الوضوء والاغتسال، ولا شيء على من ترك ذلك. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: أحاديث التسمية على الوضوء كلّها ضعاف، كما سبق عن أحمد، وغيره، ولكن بعض العلماء يرى لها قوّة بمجموع طرقها، قال


(١) هكذا النسخة، ولعله: "لم يصحّ"، والله أعلم.
(٢) "الأوسط" ١/ ٣٦٧ - ٣٦٨.