وعطاء بن السائب، وأبي ميسرة، ومجاهد، ومحمد بن سيرين.
ورُوي عن غير واحد أنهم رَخّصوا في ترك تخليل اللحية، رُوي ذلك عن ابن عمر، والحسن بن عليّ، وهذا قول طاوس، والنخعيّ، وأبي العالية، والشعبيّ، ومحمد بن عليّ، ومجاهد، والقاسم، وقال سعيد بن عبد العزيز، والأوزاعيّ: ليس عَرْك العارضين، وتشبيك اللحية بواجب في الوضوء، وكان سفيان الثوريّ، والأوزاعيّ، ومالك، والشافعيّ، وأحمد، لا يرون تخليل اللحية واجبًا، وهذا قول أصحاب الرأي، وعوامّ أهل العلم أنّ ما مرّ على ظاهر اللحية من الماء يكفي. وأوجبت طائفة بَلَّ أصول شعر اللحية، وأوجب بعضهم غسل بشرة موضع اللحية، كان عطاء بن أبي رباح يَرَى بَلَّ أصول شعر اللحية.
قال ابن المنذر: غسل ما تحت شعر اللحية غير واجب؛ إذ لا حجة تدل على إيجاب ذلك، بل الخبر والنظر يدلان على أن ذلك غير واجب، فأما الخبر فقد ثبتٌ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، يَغْرِف غرفة لكل عضو، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظيم اللحية، ومعلوم أنه إذا كان كذلك أن غسل ما تحت اللحية غير ممكن بغرفة واحدة، وكان يتوضأ بالمد، والمتوضئ بالمدّ غير قادر على غسل أصول شعر اللحية، قال: وفي إجماع أهل العلم فيما أعلم أن المتيمم لا يجب عليه إمساس باطن اللحية الغبارَ دليلٌ على صحة ما قلنا، وذلك أن الوجه الذي أُمر المتيمم أن يمسحه بالصعيد، هو الوجه الذي أُمر المتوضئ أن يغسله بالماء، والأخبار التي رُويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خَلَّل لحيته قد تُكُلّم في أسانيدها، وأحسنها حديث عثمان، ثم أخرج بسنده عن عامر بن شقيق بن سَلَمَة، أن عثمان - رضي الله عنه - توضأ، فخلل لحيته، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله (١).
قال ابن المنذر: ولو ثبتٌ هذا لم يدُلّ على وجوب تخليل اللحية، بل
(١) في إسناده عامر بن شقيق: ضعفه الأكثرون، ووثقه ابن حبّان، وقال النسائيّ: لا بأس به، وصحح حديثه هذا الترمذيّ، ونقل عن البخاريّ أنه قال: أصحّ شيء في هذا الباب.