للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون ندبًا كسائر السنن في الوضوء. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد كنت رجّحت في شرح النسائيّ عدم وجوب تخليل اللحية كما يراه ابن المنذر وغيره، لكن الآن ترجّح عندي وجوبه؛ لثبوت الأحاديث بمجموع طرقها، كما بينت ذلك هناك، وفعله - صلى الله عليه وسلم - بيان لآية الوضوء؛ لأن الراجح أنها مجملة، ودلالة الآية على الوجوب واضح، فيكون فعله - صلى الله عليه وسلم - واجبًا؛ لكونه بيانًا لها، ولا يُخْرَج عن هذه القاعدة إلا إذا ثبتٌ نصّ، أو إجماع يدلّ على الاستحباب، كتثليث الغَسَلات، وهذه المسألة ليس فيها إجماع، كما سبق في كلام ابن المنذر، فقد أوجب التخليل بعض السلف، فيكون قولهم أرجحَ؛ لرجحان حجتهم، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب.

وكذلك يجب تخليل أصابع اليدين والرجلين؛ لحديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه -، قال: "قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؛ قال: أسبغ الوضوء، وخَلِّل بين الأصابع" (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة عشرة): في اختلاف أهل العلم في حكم تفريق غسل الأعضاء:

قال ابن المنذر رحمه الله: اختَلَف أهل العلم في تفريق الوضوء والغسل، فقالت طائفة: لا يجوز ذلك، حتى يُتْبع بعضه بعضًا، روينا عن عمر بن الخطاب أنه رأى رجلًا يصلي، وقد ترك مثل موضع الظفر، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، وكان قتادة، والأوزاعيّ يقولان: إذا ترك غسل عضو من الأعضاء حتى جَفّ الوضوء أعاد الوضوء، وكان ربيعة يقول: تفريق الغسل مما يُكره، وإنه لا يكون غسلًا حتى يُتبع بعضه بعضًا.

وقال مالك: من تعمد ذلك، فإني أرى عليه أن يُعيد الغسل، وقال الليث بن سعد كذلك، مع أن قول مالك مختلف في هذا الباب، وقد حَكَى ابن القاسم عنه أنه قال: إن قام لأخذ الماء، وكان قريبًا بنى على


(١) "الأوسط" ١/ ٣٨١ - ٣٨٦.
(٢) حديث صحيح أخرجه أبو داود، وغيره بإسناد صحيح.