للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا نسي المسح مسح، وأعاد الصلاة، ولم يعد الوضوء، وكان مالك يقول فيمن غسل ذراعيه قبل وجهه، ثم صَلَّى: لا إعادة عليه.

وقالت طائفةٌ: مَن قَدَّم عضوًا على عضو فعليه أن يعيد حتى يغسله في موضعه، هكذا قال الشافعيّ، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.

واحتج الشافعيّ بقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، وبأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا أراد الصفا قال: "نبدأ بما بدأ الله به"، قال الشافعيّ: ولم أعلم مخالفًا أنه إن بدأ بالمروة قبل الصفا أَلْغَى طوافًا حتى يكون بدؤه بالصفا. قال: وكما قلنا في الجمار: إن بدأ بالآخرة قبل الأولى أعاد، فكان الوضوء في هذا المعنى، وأوكد من بعضه. عندي. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما قاله الإمام الشافعيّ ومن معه أرجح؛ لظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نبدأ بما بدأ الله به"، بل روي بصيغة الأمر: "ابدءوا بما بدأ الله"، وأيضًا فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - واظب عليه، فكل الأحاديث الصحيحة وصفت وضوءه مرتّبًا كما في الآية. قال إمام الحرمين: لم ينقل أحدٌ قطّ أنه - صلى الله عليه وسلم - نكّس وضوءه، فاطّرد الكتاب والسنّة على وجوب الترتيب. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية والعشرون): في اختلافهم في حكم التمسّح بالمنديل بعد الوضوء:

قال ابن المنذر رحمه الله: رحمه الله اختَلَف أهل العلم في التمسح بالمنديل بعد الوضوء والاغتسال، فممن رَوينا عنه أخذ المنديل بعد الوضوء عثمان بن عفان، والحسين بن عليّ، وأنس بن مالك، وبَشير بن أبي مسعود، ورَخّص فيه الحسن، ومحمد بن سيرين، وعلقمة، وا لأسود، ومسروق، والضحاك بن مزاحم، وكان مالك بن أنس، وسفيان الثوريّ، وأحمد، وأصحاب الرأي لا يرون به بأسًا.

وفيه قول ثانٍ، روينا عن جابر بن عبد الله، أنه قال: إذا توضأت، فلا


(١) "الأوسط" ١/ ٤٢٣ - ٤٢٤.
(٢) راجع "عمدة القاري" ٢/ ٣٠٥.