للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{إِلَى الْمَرَافِقِ} لا دليل فيه على أحد الأمرين. قال: فأخذ العلماء بالاحتياط، ووَقَف زفر مع المتيقن. انتهى.

قال الحافظ: ويمكن أن يُسْتَدَلّ لدخولهما بفعله - صلى الله عليه وسلم -، ففي رواية الدارقطني بإسناد حسن، من حديث عثمان زجه في صفة الوضوء: "فغَسَل يديه إلى المرفقين، حتى مس أطراف العضدين"، وفيه عن جابر - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه"، لكن إسناده ضعيف، وفي البزار، والطبرانيّ من حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه - في صفة الوضوء: "وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفق"، وفي رواية الطحاويّ، والطبرانيّ من حديث ثعلبة بن عباد، عن أبيه، مرفوعًا: "ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه".

فهذه الأحاديث يُقوِّي بعضُها بعضًا.

قال إسحاق بن راهويه: "إلى" في الآية يَحْتَمِل أن تكون بمعنى الغاية، وأن تكون بمعنى "مع"، فَبَيَّنت السنة أنها بمعنى "مع". انتهى.

قال: وقد قال الشافعيّ - رضي الله عنه - في "الأم": لا أعلم مخالفًا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء، فعلى هذا فزفر محجوجٌ بالإجماع قبله، وكذا من قال بذلك من أهل الظاهر بعده، ولم يثبت ذلك عن مالك صريحًا، وإنما حَكَى عنه أشهب كلامًا محتملًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما قاله الإمامان: إسحاق والشافعيّ رحمهما الله تعالى أن الحقّ وجوب دخول المرفقين في الغسل.

وحاصله أن الآية مجملة، وقد بيّنت السنة - كما قال إسحاق، والإجماع كما قال الشافعيّ - معناها المراد منها، وهو كون "إلى" بمعنى "مع"، فوجب القول بدخول المرفق في المغسول، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفى في شرح حديث عثمان - رضي الله عنه -، فارجع إليه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.


(١) "الفتح" ١/ ٣٥٠.