للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي يَحْيَى) قال النوويّ - رحمه الله -: الأكثرون على أن اسمه مِصْدَع - بكسر الميم، وإسكان الصاد، وفتح الدال، وبالعين المهملات - وقال يحيى بن معين: اسمه زياد الأعرج الْمُعَرْقَب الأنصاريّ، والله أعلم. انتهى. (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) - رضي الله عنهما - أنه (قَالَ: رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ) وفي رواية يوسف بن ماهَك الآتية: "تخلّف عنّا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في سفر سافرناه".

قال في "الفتح": وظاهره أن عبد الله بن عمرو كان في تلك السفرة، ولم يقع ذلك لعبد الله مُحَقَّقًا إلا في حجة الوداع، أما غَزْوة الفتح، فقد كان فيها، لكن ما رجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها إلى المدينة من مكة، بل من الجعرانة، ويَحْتَمِل أن تكون عمرة القضيّة، فإن هجرة عبد الله بن عمرو كانت في ذلك الوقت، أو قريبًا منه. انتهى (١).

(حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيق، تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ) أي عند دخول وقت صلاة العصر، وفي رواية يوسف بن ماهك الآتية: "فأدركنا، وقد حضرت صلاة العصر"، وفي رواية البخاريّ: "فأدركنا، وقد أَرْهَقَنا العصرُ"، وقوله: "أرهقنا" بفتح الهاء والقاف، و"العصرُ" مرفوع على الفاعلية، كذا لأبي ذر، وفي رواية كريمة بإسكان القاف، و"العصرَ" منصوب على المفعولية، ويُقَوِّي الأولَ رواية الأصيليّ: "أرهَقَتنا" بفتح القاف، بعدها مثناة ساكنة، ومعنى الإرهاق: الإدراكُ والْغَشَيان.

قال ابن بطال - رحمه الله -: كأن الصحابة أخَّروا الصلاة في أول الوقت؛ طَمَعًا أن يَلْحَقهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيصلوا معه، فلما ضاق الوقت، بادروا إلى الوضوء، ولِعَجَلتهم لم يُسبِغوه، فأدركهم على ذلك، فأنكر عليهم.

وقال الحافظ: ويحتمل أيضًا أن يكونوا أخّروا؛ لكونهم على طهر، أو لرجاء الوصول إلى الماء، ويدلّ عليه رواية مسلم: "حتى إذا كنّا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر"، أي قرب دخول وقتها، فتوضّؤوا، وهم عجال. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ١/ ٣٢١.
(٢) راجع "الفتح" ١/ ٣١٩.