للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبارةٌ عن النور الذي يعلو أعضاء الوضوء يوم القيامة. انتهى (١).

وقال العينيّ: في الكلام تشبيه بليغٌ، حيث شبّه النور الذي يكون على موضع الوضوء يوم القيامة بغرّة الفرس، وتحجيله، ويجوز أن يكون كنايةً، بأن يكون كنى بالغرّة عن نور الوجه. انتهى.

وقال الأبيّ: إن الغرّة والتحجيل كناية عن إنارة كلّ الذات، لا أنه مقصور على أعضاء الوضوء. انتهى.

وفيه نظر لا يخفى؛ إذ الترغيب في إطالة الغرّة والتحجيل ليزداد النور، ولو كان كما قال الأبيّ لما كان للإطالة فائدة (٢)، والله تعالى أعلم.

(يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ظرف تنازعه كلّ من "الغرّ"، و"المحجّلون"، أو متعلّق بخبر متبدأ محذوف، أي ذلك كائن يوم القيامة.

قال ابن الملقّن - رحمه الله -: "يوم" من الأسماء الشّاذّة؛ لوقوع الفاء والعين فيه حرفي علّة، فهو من باب "ويل"، و"ويح"، و"القيامة": فِعَالة، مِن قام يقوم، أصله القِوَامة، فقُلبت الواو فيه ياء؛ لانكسار ما قبلها. انتهى (٣).

(مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ) متعلّق بخبر مبتدأ محذوف أيضًا، أي ذلك كائن من أجل إسباغ الوضوء، وهو: بضمّ الواو؛ لأن المراد الفعل، ويجوز فتحه أيضًا، وفي الرواية الآتية: "من آثار الوضوء"، قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: "الوضوء" بالضمِّ، ويجوز أن يقال بالفتح: أي من آثار الماء المستعمل في الوضوء، فإن الغُرّة والتحجيل نشآ عن الفعل بالماء، فيجوز أن يُنسَبَ إلى كلّ منهما. انتهى (٤).

وحاصل ما أشار إليه - رحمه الله - أن الضمّ والفتح صحيحان؛ لأن الغرّة والتحجيل نشآ من الفعل، ومن الماء أيضًا، فجاز نسبتهما إليهما، والله تعالى أعلم.

(فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ) مفعول "استطاع" محذوف، أي من استطاع إطالة


(١) راجع "المفهم" ١/ ٤٩٩ - ٥٠٠.
(٢) راجع "فتح المنعم" ٢/ ١٤٦.
(٣) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٤٠٤.
(٤) "إحكام الأحكام" ١/ ٢١٨ بنسخة الحاشية.