للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غرّته، وتحجيله، فليُطل، والمراد بإطالة التحجيل إطالة سبب التحجيل، وذلك بإطالة الغسل بالشروع في العضد والساق، وكذا إطالة الغرّة تتحقّق بالتوسّع في الغسل طولًا بالشروع في منابت الشعر، وصفحة العنق، وعرضًا بشحمة الأذنين، ولما كان الكلّ غالبًا يستطيع ذلك كان الغرض من التعبير الحثّ على الإطالة، أي فاطلبوا الغرّة والتحجيل، وليس المقصود التعليق على الاستطاعة، أفاده بعض المحققين (١).

(فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ، وَتَحْجِيلَهُ) هكذا صرّح في رواية المصنّف بذكر التحجيل مع الغرّة، ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "فمن استطاع منكم أن يُطِيل غُرَّته فليفعل"، ولذا قال في "الفتح": أي فليُطِل الغرة والتحجيل، واقتصر على إحداهما لدلالتها على الأخرى، نحو {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}، واقتصر على ذكر الغُرّة، وهي مؤنثة، دون التحجيل، وهو مذكر، لأن مَحَلّ الغرة أشرف أعضاء الوضوء، وأول ما يقع عليه النظر من الإنسان، على أن في رواية مسلم من طريق عُمَارة بن غَزِيّة ذكر الأمرين، ولفظه: "فليطل غرته وتحجيله".

وقال ابن بطال رحمهُ اللهُ: كَنَى أبو هريرة - رضي الله عنه - بالغُرّة عن التحجيل؛ لأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله.

وتعقّبه الحافظ، فقال: فيما قال نظر، لأنه يستلزم قلب اللغة، وما نفاه ممنوع؛ لأن الإطالة ممكنة في الوجه بأن يغسل إلى صفحة العنق مثلًا، ونقل الرافعيّ عن بعضهم أن الغرة تُطلق على كلٍّ من الغرة والتحجيل.

[تنبيه]: ظاهر هذه الرواية أن قوله: "فمن استطاع .. إلخ" بقية الحديث، وهو ظاهر مذهب الشيخين، حيث ساقاه مساقًا واحدًا، دون إشارة إلى الإدراج، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "فتح المنعم" ٢/ ١٤٦.