للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أثبت الوضوء في الأمم السابقة، كما في قصّة سارة، وجُريج الراهب، كما تقدّم بيان ذلك.

١١ - (ومنها): أنه يؤخذ منه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدري ما أحدثته أمته بعد موته.

[فإن قيل]: إن هذا يعارضه ما روي من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حياتي خير لكم، تُحْدِثون، ويُحْدَث لكم، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرًا لكم، تُعْرَض عليّ أعمالكم، فإن رأيت خيرًا حَمِدت الله، وإن رأيت شرًّا استغفرت لكم" (١).

[أجيب]: بأن هذا الحديث مرسلٌ، فلا يعارض ما في "الصحيحين"، وعلى تقدير صحّته، كما هو رأي بعضهم، يمكن أن يُجمع بأن الأعمال تُعرض عليه عرضًا مجملًا، دون تعيين فاعلي الخير والشر، والله تعالى أعلم.

١٢ - (ومنها): أنه - صلى الله عليه وسلم - يذود غير المسلمين، ويُبعدهم عن حوضه.

[فإن قيل]: كيف يطرد الناس عنه، وهو - صلى الله عليه وسلم - أكرم الناس؟.

[أجيب]: بأن هذا الذود ليس بخلًا، وإنما القصد منه إرشاد كلّ أحد إلى حوض نبيّه، كما سبق أن لكلّ نبيّ حوضًا، وأنهم يتباهون بكثرة من يرده من أتباعهم، فيكون ذلك الذود منه - صلى الله عليه وسلم - من إنصافه، ورعاية جانب إخوانه النبيين عليهم السلام.

ويَحْتمل أن يطرُد من لا يستحقّ الشرب من الحوض، والعلم عند الله تعالى (٢).

١٣ - (ومنها): أن فيه بيان ما أطلع الله عزَّ وجلَّ نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمه من الأمور الغيبيّات المستقبلة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: ذهب أبو عُمَر بن عبد البر رحمهُ اللهُ في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في فضل من يأتي آخر الزمان إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة مَن هو أفضل ممن كان من


(١) أخرجه (ابن سعد) عن بكر بن عبد الله مرسلًا، وضعّفه الشيخ الألباني رحمهُ اللهُ، انظر حديث رقم: ٢٧٤٦ في "ضعيف الجامع".
(٢) راجع "فتح المنعم" ٢/ ١٥٤.