للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإيراد ذكر الشهادتين؛ لأن القوم كانوا مؤمنين مقرّين بكلمتي الشهادتين، بدليل قولهم: "الله ورسوله أعلم"، وترحيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم، ولكن كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما، وأنهما كافيتان لهم، وكان الأمر في صدر الإسلام كذلك، لم يجعله الراوي من الأوامر، وقصد به أنه - صلى الله عليه وسلم - نبّههم على موجب توهّمهم بقوله: "أتدرون ما الإيمان؟ "، ولذلك خصّص ذكر و"أن تعطوا من المغانم الخمس" حيث أتى بالفعل المضارع على الخطاب، لأن القوم كانوا أصحاب حروب وغزوات، بدليل قولهم: "بيننا وبينك هذا الحيّ من كفّار مضر"؛ لأنه هو الغرض من إيراد الكلام، فصار أمرًا من الأوامر. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قرّره الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ في توجيه الاستشكال الوارد على هذا الحديث من عدم عدّ الشهادتين من الأربع يضعّفه قوله: "وعقد واحدة"، فإنه ظاهر في كونه - صلى الله عليه وسلم - عدّ الشهادتين منها، فالأولى ما سبق لابن الصلاح رحمه الله وغيره، من التوجيه بأنهما داخلتان فيها، وأن أداء الخمس غير داخل فيها، بل هو أمر مستقلّ، فقوله: "وأن تؤدّوا إلخ" معطوف على "بأربع"، أي وآمركم بأربع، وبأداء الخمس، فهذا جواب يزيل الإشكال المذكور، فتأمّله بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب.

(نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا) قال الكرمانيّ رحمه الله تعالى: أي بحسب المكان من البلاد البعيدة عن المدينة، ويحتمل أن يراد بحسب الزمان، أي أولادنا، وأخلافنا، والظاهر أن المراد به قومهم. انتهى (٢).

و"من" موصولة في محلّ نصب على المفعوليّة لـ"نُخْبِرْ"، قال الشيخ قطب الدين: لا خلاف أن قوله: "من وراءنا" بفتح الميم، والهمزة، وذكر الكرمانيّ أن في بعض الروايات "مِنْ وَرَائنا" بكسر الميم، قال العينيّ: إن صحت هذه الرواية يحتمل أن تكون "من" للغاية، بمعنى أن قومهم يكونون غاية لإخبارهم. انتهى (٣).

(نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: قيّدناه على من يُوثق


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٣٦١ - ٤٦٢.
(٢) "شرح الكرمانيّ" ١/ ٢٠٨.
(٣) "عمدة القاري" ١/ ٣٠٧.