للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، رَوَت (٢٢١٠) أحاديث، وهي أحبّ الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كأبيها، وأفقه نساء الأمة، وكان إليها الفتوى في وقتها، فكان أفاضل الصحابة - رضي الله عنهم - يستفتونها، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنِ الْمِقْدَامِ) بكسر الميم (ابْنِ شُرَيْحٍ) بضمّ أوله، مصغّرًا (عَنْ أَبِيهِ) شُريح بن هانئ، أنه (قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ) أي بأيّ عَمَل من الأعمال، فـ "أيُّ" هنا استفهاميّة.

[فائدة]: "أَيّ " تكون شرطًا، واستفهامًا، وموصولةً، وهي بعض ما تضاف إليه، وذلك البعض مبهمٌ مجهولٌ، فإذا استفهمت بها، وقلتَ: أَيُّ رجلٍ جاء؟ وأيُّ امرأةٍ قامت؟ فقد طلبت تعيين ذلك البعض المجهول، ولا يجوز الجواب بذلك البعض إلا مُعَيَّنًا، وإذا قلت في الشرط: أَيَّهُم تَضْرِبْ أَضْرِبْ، فالمعنى: إن تَضْرِب رجلًا أضرِبْهُ، ولا يقتضي العموم، فإذا قلت: أيُّ رجلٍ جاء، فأَكْرِمه، تعين الأول، دون ما عداه، وقد يقتضيه لقرينة، نحوُ: أَيُّ صلاةٍ وقعَت بغير طهارة وجب قضاؤها، وأيُّ امرأة خرجت فهي طالق.

وتزاد "ما" عليها نحو: "أيُّما إهابٍ دُبغ فقد طَهُر"، والإضافة لازمة لها لفظًا أو مَعْنًى، وهي مفعول إن أضيفتَ إليه، وظرف زمان إن أضيفت إليه، وظرف مكان إن أضيفت إليه، والأفصح استعمالها في الشرط والاستفهام بلفظ واحد، للمذكر والمؤنث؛ لأنها اسم، والاسم لا تلحقه هاء التأنيث الفارقةُ بين المذكر والمؤنث، نحوُ: أَيُّ رجلٍ جاء، وأَفيُ امرأة قامت، وعليه قوله تعالى: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}، وقال تعالى: {بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}، وقال عمرو بن كلثوم [من الوافر]:

بِأَيِّ مَشِيئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ

وقد تُطَابَقُ في التذكير والتأنيث، نحوُ أَيّ رجلٍ، وأيّة امرأةٍ، وقُرِئ في الشاذ: "بأية أرض تموت"، وقال الشاعر:

أَيَّةُ جَارَاتِكَ تِلْكَ الْمُوصِيَةُ