للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونقضه ابن عبد البرّ بجواز نظر الطبيب، وليس الطبّ واجبًا إجماعًا.

واحتجّ القفّال لوجوبه بأن بقاء الْقُلْفَة تَحبس النجاسة، وتَمنع صحّة الصلاة، فتجب إزالتها، وشبّهه بالنجاسة في باطن الفم.

وقاسه بعض الشافعيّة على وجوب القطع في السرقة، فقال: هو قطع جزء من البدن، لا يستخلف؛ تعبّدًا، فوجب كالقطع في السرقة، واحترز بعدم الاستخلاف عن الشعر، والظفر، وبالتعبّد عن القطع للآكلة، فإنه لا يجب. انتهى كلام الحافظ العراقيّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

وقال في "الفتح": وقد ذهب إلى وجوب الختان دون باقي الخصال الخمس المذكورة في الباب: الشافعيّ، وجمهور أصحابه، وقال به من القدماء عطاءٌ، حتى قال: لو أسلم الكبير لم يَتِمّ إسلامه حتى يَختتن، وعن أحمد، وبعض المالكيّة: يجب، وعن أبي حنيفة: واجبٌ، وليس بفرض، وعنه سنّة يأثم بتركه، وفي وجه للشافعيّة: لا يجب في حقّ النساء، وهو الذي أورده صاحب "المغني" عن أحمد.

وذهب أكثر العلماء، وبعض الشافعيّة إلى أنه ليس بواجب.

ومن حجتهم حديث شدّاد بن أوس - رضي الله عنه - (٢) رفعه: "الختان سنّة للرجال، مكرمة للنساء"، وهذا لا حجة فيه؛ لما تقرّر أن لفظ السنّة إذا ورد في الحديث لا يُراد به التي تقابل الواجب، لكن لَمّا وقعت التفرقة بين الرجال والنساء في ذلك دلّ على أن المراد افتراق الحكم.

وتُعُقّب بأنه لم ينحصر في الوجوب، فقد يكون في حقّ النساء للإباحة، على أن الحديث لا يَثبتُ؛ لأنه من رواية حجاج بن أرطاة، ولا يُحتجّ به، أخرجه أحمد، والبيهقيّ، لكن له شاهد، أخرجه الطبرانيّ في "مسند الشاميين" من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس، وسعيد مختلف فيه، وأخرجه أبو الشيخ، والبيهقيّ من وجه آخر عن ابن عبّاس، وأخرجه البيهقيّ أيضًا من حديث أبي أيوب.


(١) راجع "طرح التثريب" ١/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٢) هذا فيه نظر؛ لأنه تقدّم أنه من رواية أبي المليح، عن أبيه، لا من رواية شدّاد بن أوس، كما هو عند الإمام أحمد في "مسنده"، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.