قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل، وحواليه، وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة، ونُقل عن أبي العبّاس بن سُريج أنه الشعر النابت حول حَلَق الدبر، فتحصّل من مجموع هذا استحبابُ حلق جميع ما على القبل والدبر، وحولهما، قال: وذكر الحلق لكونه هو الأغلب، وإلا فيجوز الإزالة بالنورة، والنتف، وغيرهما.
وقال أبو شامة: العانة الشعر النابت على الرَّكَب - بفتح الراء، والكاف - وهو ما انحدر من البطن، فكان تحت الثنيّة، وفوق الفرج، وقيل: لكلّ فخذ رَكَبٌ، وقيل: ظاهر الفرج، وقيل: الفرج بنفسه، سواء كان من رجل أو امرأة، قال: ويُستحبّ إماطة الشعر عن القبل والدبر، بل من الدبر أولى؛ خوفًا من أن يعلق شيء من الغائط، فلا يُزيله المستنجي إلا بالماء، ولا يتمكّن من إزالته بالاستجمار، قال: ويقوم التّنَوُّر مكان الحلق، وكذا النتف، والقصّ.
وسئل أحمد عن أخذ العانة بالمقراض؟ فقال: أرجو أن يُجزئ، قيل: فالنتف؟ قال: وهل يقوى على هذا أحدٌ؟.
وقال ابن دقيق العيد: قال أهل اللغة: العانة الشعر النابت على الفرج، وقيل: هو منبت الشعر، قال: وهو المراد في الخبر.
وقال أبو بكر بن العربيّ: شعر العانة أولى الشعور بالإزالة؛ لأنه يتكثّف، ويتلبّد فيه الوسخ، بخلاف شعر الإبط، قال: وأما حلق ما حول الدبر فلا يُشرَع، وكذا قال الفاكهيّ في "شرح العمدة": إنه لا يجوز، كذا قال، ولم يذكر للمنع مستندًا، والذي استند إليه أبو شامة قويّ، بل ربّما تُصُوِّر الوجوب في حقّ من تعيّن ذلك عليه، كمن لم يجد من الماء إلا القليل، وأمكنه أن لو حَلَقَ الشعر أن لا يعلق به شيء من الغائط يحتاج معه إلى غسله، وليس معه ماء زائد على قدر الاستنجاء.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قرّر المسألة في "الفتح"، وفيه نظر لا يخفى؛ إذ لا دليل على مشروعية حلق شعر الدبر، فضلًا عن وجوبه، وأما ما ذكره في حقّ من لم يجد الماء، فليس كذلك؛ فإن الشارع شرع الاستنجاء بالأحجار مطلقًا، سواء كان على دبره شعر أو لا، ولم يأمر أحدًا بالغسل بالماء زيادة على الأحجار إذا كان له شعر، ولقد أجاد الشوكانيّ رَحِمَهُ اللهُ، حيث