للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يرى تأديب من حلقه، وروى عنه ابن القاسم أنه قال: إحفاء الشارب مُثلة.

وقال في "الفتح": وأما القصّ فهو الذي في أكثر الأحاديث، قال: وورد الخبر بلفظ الحلق، وهي رواية النسائيّ، عن محمد بن عبد الله بن يزيد، عن سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة، ورواه جمهور أصحاب ابن عيينة بلفظ القصّ، وكذا سائر الروايات عن شيخه الزهريّ، ووقع عند النسائيّ، من طريق سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ تقصير الشارب. نعم وقع الأمر بما يُشعِر بأن رواية الحلق محفوظة، كحديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة عند مسلم بلفظ: "جُزُّوا الشوارب"، وحديث ابن عمر بلفظ: "أحفوا الشوارب"، وبلفظ: "أنهكوا الشوارب".

فكلُّ هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة؛ لأن الْجَزّ، وهو بالجيم والزاي الثقيلة: قصّ الشعر، والصوف إلى أن يبلغ الجلد، والإحفاء بالمهملة والفاء: الاستقصاء، ومنه: "حتى أحفوه بالمسألة".

قال أبو عبيد الهرويّ: معناه: أَلْزِقُوا الْجَزَّ بالبشرة.

وقال الخطابيّ: هو بمعنى الاستقصاء، والنهكُ بالنون والكاف: المبالغة في الإزالة، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - للخافضة: "أَشِمِّي، ولا تُنْهِكي": أي لا تبالغي في ختان المرأة، وجرى على ذلك أهل اللغة.

وقال ابن بطال: النهك التأثير في الشيء، وهو غير الاستئصال.

قال النوويّ: المختار في قصّ الشارب، أنه يقصه حتى يبدو طرف الشفة، ولا يُحْفِه من أصله، وأما رواية: "أحفوا"، فمعناها: أزيلوا ما طال على الشفتين.

قال ابن دقيق العيد: ما أدري، هل نقله عن المذهب، أو قاله اختيارًا منه لمذهب مالك؟.

قال الحافظ: قلت: صَرَّح في "شرح المهذَّب" بأن هذا مذهبنا.

وقال الطحاويّ: لم أَرَ عن الشافعيّ في ذلك شيئًا منصوصًا، وأصحابه الذين رأيناهم، كالْمُزَنيّ، والربيع، كانوا يُحفون، وما أظنهم أخذوا ذلك إلا عنه.

وكان أبو حنيفة وأصحابه يقولون: الإحفاء أفضل من التقصير.