للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيل: ما قام زيدٌ، وقلتَ في الجواب: بلى، فمعناه إثبات القيام، وإذا قيل: أليس كان كذا، وقلتَ: بلى، فمعناه التقرير والإثبات، ولا تكون إلا بعد نفي، إما أول الكلام، كما تقدّم، وإما في أثنائه، كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى} الآية [القيامة: ٣ - ٤]، والتقدير: بلى نجمعها، وقد يكون مع النفي استفهام، وقد لا يكون، كما تقدّم، فهو أبدًا يرفع حكم النفي، ويوجب نقيضه، وهو الإثبات. ذكره الفيّومي (١).

والمعنى هنا: بلى أعلمه، ثم بيّن لهم حقيقته، فقال:

(جِذْعٌ) خبر لمحذوف، أي هو جذع، وهو بكسر الجيم: ساق النخلة، والجمع جُذُوع، وأجذاع (تَنْقُرُونَهُ) بضم الراء، من باب نصر: أي تحفرون وسطه (فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ) أي تُلْقُون في ذلك الجِذع بعض أنواع التمر المسمّى بالقُطَيعاء.

وقال النووي رحمه الله تعالى في "شرحه": أما "تقذفون" فهو بتاء مثنّاة فوقُ، مفتوحة، ثم قاف ساكنة، ثم ذال معجمة مكسورة، ثم فاء، ثم نون، كذا في الأصول كلّها في هذا الموضع الأول، ومعناه تُلقون فيه، وتَرمُون.

وأما قوله في الرواية الأخرى، وهي رواية محمد بن المثنّى، وابن بشّار، عن ابن أبي عديّ: "وتُذِيفُون به من الْقُطَيْعاء"، فليس فيها قاف، ورُوي بالذال المعجمة، وبالمهملة، وهما لغتان فصيحتان، وكلاهما بفتح التاء، وهو من ذافَ يَذِيف بالمعجمة، كباع يَبيع، وداف يَدُوف بالمهملة، كقال يقول، وإهمال الدال أشهر في اللغة، وضبطه بعض رُواة مسلم بضمّ التاء، على رواية المهملة، وعلى رواية المعجمة أيضًا، جعله أذاف، والمعروف فتحها من ذاف، وداف، ومعناه على الأوجه كلّها خَلَطَ، والله تعالى أعلم.

وأما "الْقُطَيعاءُ": فبضم القاف، وفتح الطاء، وبالمدّ، وهو نوع من التمر صغار، يقال له الشّهريز بالشين المعجمة، والمهملة، وبضمّهما وبكسرهما. انتهى (٢).

(قَالَ سَعِيدٌ) أي ابن أبي عروبة (أَوْ) للشكّ من الراوي، وهو سعيد كما


(١) "المصباح" ١/ ٦٢.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ١٩١.